إلا إذا أفاد القطع ، وعندئذ يكون هو الحجة ، والاستقراء طريق له ووسيلة ، ولذا استدرك الأنصاري وقال : «الإنصاف ان هذا الاستقراء يكاد يفيد القطع».
والشيء الذي يمكن الركون اليه من هذا الاستقراء ـ على فرض تمامه ـ هو أن الاستصحاب إنما يكون حجة مع الشك في الرافع بعد إحراز الاقتضاء والاستعداد للبقاء والاستمرار. وعلى مبدأ صاحب القوانين القائل بأن مطلق الظن حجة يجوز العمل بالاستقراء ، وقد صرح هو بذلك حيث قال في آخر قانون الاستصحاب : «الظاهر ان الاستقراء حجة لإفادته الظن بالحكم الشرعي».
الروايات
في صحيح البخاري ج ١ باب : من لم ير الشيء إلا من المخرجين ، سئل رسول الله (ص) عن رجل خيل اليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ قال : «لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا». ومثله في صحيح مسلم ج ١ باب : الدليل ، على أن من تيقن الطهارة ثم يشك في الحدث فله أن يصلي بطهارته. وفي فقه السنّة للسيد سابق ، باب ما لا ينقض الوضوء : أن هذا الحديث رواه الجماعة إلا الترمذي. يريد بالجماعة أصحاب الصحاح الستة.
واستدل علماء الإمامية على الاستصحاب بالعديد من روايات أهل البيت (ع) منها رواية زرارة ، قال : سألت الامام (ع) عن الرجل ينام ، وهو على وضوء ، أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ قال : قد تنام العين ولا ينام القلب والأذن ، فإذا نامت العين والأذن فقد وجب الوضوء. قال زرارة : فإن حرك في جنبه شيء وهو لا يعلم؟ قال الامام : لا حتى يستيقن أنه قد نام حتى يجيء من ذلك أمر بيّن وإلا فإنه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبدا بالشك ، ولكن ينقضه بيقين آخر».
ومحل الشاهد في هذه الرواية قول الامام (ع) : «ولا ينقض اليقين أبدا بالشك ، ولكن ينقضه بيقين آخر» فاللام في اليقين للجنس تستغرق كل يقين سواء أكان يقينا بالوضوء أم بغيره تماما كقوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ