هذا إلى أن النصوص الشرعية شائعة ذائعة على أن اليقين لا يزال بالشك ، وبعد قليل نتلو عليك شيئا من هذه النصوص.
وتجدر الإشارة إلى أن جماعة من العلماء ذهبوا إلى أن بناء العقلاء هو الأصل والعمدة في الاستصحاب ، وان النصوص الواردة فيه لمجرد الإمضاء والإرشاد.
وليس هذا ببعيد ، قال الفقيه الكبير الآغا رضا الهمداني في تعليقه على رسائل الانصاري ص ٤٦ : «إن العلماء يعتبرون الاستصحاب من باب (بناء) العقلاء». والظاهر من هذه العبارة أن كل العلماء على ذلك ، وقال في ص ١٥٣ : «العمدة في الاستصحاب بناء العقلاء ، والاخبار منزلة عليه ، وامضاء له ، ولكنك قد عرفت اختصاص هذا الدليل بما عدا الشك في المقتضي ، وان بناء العقلاء انما هو على عدم الاعتناء بالرافع .. فلو كانوا يقلدون شخصا لا يرفعون اليد عن تقليده بمجرد احتمال موته ، أو كان شخص وكيلا عن آخر لا ينعزل لاحتمال موته .. والحجية انما تعرف من هذه العادات ونحوها».
الاستقراء
المهم في هذه الفقرة أنها تمهد لمعرفة المراد مما نعرضه من الروايات ، وتدعمها فيما تهدف اليه من وجوب العمل بالاستصحاب.
جاء في رسائل الأنصاري : «تتبعنا موارد الشك في بقاء الحكم السابق المشكوك من جهة الرافع ، فلم نجد من أول الفقه إلى آخره موردا إلا وحكم فيه الشارع بالبقاء حتى يثبت الخلاف .. والإنصاف أن هذا الاستقراء يكاد يفيد القطع». ومعنى الاستقراء تتبع الجزئيات والافراد من أجل الحكم على الكلّي أو العام الشامل لكل ما يتناوله ، كما تحكم بأن السمك لا يحيا إلا بالماء بعد مشاهدة بعض أفراده. والاستقراء منه تام ، وهو أن تلاحظ كل الأفراد ، ومنه ناقص ، وهو أن تلاحظ بعضها دون بعض ، والأنصاري يدّعي الاستقراء التام وعليه تصح قاعدة «لا تهدم اليقين بالشك».
ولكن الاستقراء يفترض مبدأ الحتمية عند علماء اللغة والطبيعة ، اما علماء الدين والشريعة فأدلة الأحكام عندهم أربعة ، وليس منها الاستقراء اللهم