هل نتوقف ونأخذ بالشك الطارئ؟ وإذن يكون الشك حجة لازمة ، والعمل باليقين بدعة وضلالة!.
وكل من أنكر وينكر الاستصحاب فقد تغلّب شكه على يقينه ، وهدم هذا بمعول ذاك من حيث يريد أو لا يريد. ولعل هذا يفسر لنا سر التوكيد والتكرار في صحيحة زرارة عن الإمام الصادق (ع) : «لا ينقض اليقين بالشك ، ولا يدخل الشك في اليقين ، ولا يخلط احدهما بالآخر ، ولكنه ينقض الشك باليقين ، ويتم على اليقين ، ويبني عليه ، ولا يعتد بالشك في حال من الحالات».
ومع العلم بأن الاستصحاب حجة ضرورية يستدل به ولا يستدل عليه ، نشير فيما يلي الى طرف من الأدلة عليه من باب العدوى والمحاكاة.
القرآن الكريم
لا علم لي بأن أحدا من الإمامية استدل بآية قرآنية على الاستصحاب ، ورأيت في بعض كتب السنة من استدل عليه بقوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) ـ ٣٦ يونس» وفسّر الحق هنا بالحقيقة الواقعة كاليقين ، وانه لا ينقض بالظن والشك لأن اليقين أقوى. وهذا الاستدلال سليم من الريب. وأيضا رأيت في كتاب ثان للسنة من استشهد بقوله سبحانه : (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً) ـ ٤ النور». والآية الأولى أوضح في الدلالة ، وتصلح سندا لقاعدة عامة : «اليقين لا يزال بالشك» لأنها ذكرت اليقين بلفظ الحق ، وذكرت الشك بلفظ الظن ، أما الآية الثانية فلم تشر الى الشك من قريب أو بعيد ، وهو ركن ركين للاستصحاب.
ويمكن الاستدلال على صحة الاستصحاب بالآية ١٦ من يونس : (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ؟). وشاهدنا في هذه الآية الكريمة أن الحال السابقة لا يسوغ تجاهلها والغفلة عنها ، وان على كل عاقل أن يعتبرها كشاهد وقرينة لها وزنها وتأثيرها في مقام النفي والإثبات ، ومن خلالها ينبغي أن يصدر الحكم ، أما من يجزم ويحكم على الشيء بضد ما يعلمه منه وبصرف النظر