وفي رأينا ان اطلاق الضرر على الجهاد ونحوه فيه الكثير من التسامح ، لأن الجهاد والاستشهاد في سبيل الدين والوطن والحرية عزة وكرامة وخلود وعلو كبير في الدنيا والآخرة ، وأي نفع وأ من وراء ذلك؟ قال الامام أمير المؤمنين (ع) : «الموت في حياتكم مقهورين ، والحياة في موتكم قاهرين».
أما النفقة على الوالدين والأولاد فهي بر ووفاء وانسانية ، واما الأخماس والزكوات وكل الصدقات فهي في سبيل الله والصالح العام ، وان أبيت إلا أن تسمي ذلك ضررا ـ سلّمنا بما تدعي وقلنا : ان الشارع حين التشريع ـ وليس العقل عند الامتثال والتزاحم ـ نظر الى الأهم فأوجبه وقدمه على المهم ، فهل في ذلك مشكلة ومعضلة؟.
الضرر لا يزال بالضرر
لا يجوز للمضرور أن يدفع الضرر عن نفسه بإدخاله على غيره ، فلو أن سيلا أخذ طريقه إلى دار خاصة لا يحق لصاحبها أن يحوّل السيل إلى ملك الغير ليصرفه عن داره ، لأن الضرر لا يزال بمثله ، أجل لو لم يجد المضطر إلى دفع الهلاك عن نفسه جوعا إلا مال الغير ، أخذ منه بمقدار ما يسد الخلة وضمن إلى ميسرة.
وأيضا لا يجب على الانسان أن يتحمل الضرر ليدفعه عن غيره لأن الضرر لا يزال بمثله ، والنفقة لا تفرض للقريب الفقير على من يكابد العوز والفقر.
تعارض الضررين
إذا تعارض ضرران بالنسبة إلى شخص واحد ولا مفر له من أحدهما فما ذا يصنع؟ الجواب : إن تساويا اختار أيهما شاء ، وان كان أحدهما أشدّ دفعه بالضرر الأخف كالجرّاح يقطع عضوا ليدفع ضررا يسري إلى الجسم كله. ولا ريب في هذا الحكم أو خلاف لأنه نتيجة حتمية لنفي الضرر عقلا وشرعا.
وإذا تعارض ضرران بالنسبة إلى طرفين فله صورتان نشير اليهما فيما يلي :