١ ـ ان يدور الأمر بين ضرر خاص وآخر عام ، ومثاله أن يشب حريق في بيت من بيوت البلد ، ويخشى سريانه إلى كل بيت إلا إذا هدمت البيوت الملاصقة للحريق ، فتهدم منعا للضرر الأشد بالضرر الأخف.
٢ ـ ان يدور الضرر بين شخصين ، ومثاله إذا حفر المالك بئرا في ملكه تضرر الجار ، وان ترك الحفر تضرر المالك. قال الأنصاري : الأوفق بالقواعد أن يتصرف المالك في ملكه بلا معارض ، لأن في منعه ضررا عليه يعارضه ضرر الجار ، فيتساقطان ، ويبقى حديث : «الناس مسلّطون على أموالهم» على عمومه بلا معارض.
وقال النائيني في «منية الطالب» في حاشية «المكاسب» للخوانساري : «الظاهر من كلمات الأصحاب رعاية المالك ، فيجوز تصرفه وان كان ضرر الجار أعظم ، بل يجعلونه من مصاديق قاعدة «لا يجب تحمل الضرر لدفعه عن الغير».
وفي رأينا أن تقدير ذلك يترك إلى نظر المجتهد العادل ، فهو وحده يقرر الحق تبعا لحال الشخصين وظروفهما قوة وضعفا وفقرا وغنى .. ان الله سبحانه قد رفع الضرر والحرج عن عباده منة منه ورحمة ، والكل عنده بمنزلة سواء تماما كأسنان المشط ، وإلقاء هذا في البحر حرصا على حرية ذاك يتنافى مع فضل الله وكرمه ، فإن للحرية حدا محدودا بحرية الآخرين فكيف بإدخال الضرر عليهم.
بين الضرر والحرج
لا أذكر أني رأيت ـ أثناء تتبعي ومطالعاتي ـ أحدا من الفقهاء القدامى قد فرّق بين الضرر والحرج ، وفي المؤلفات الحديثة كلام عن الفرق بينهما ، ولكنه موزع بين مسائل العبادات والمعاملات تبعا لما يقتضيه الحال. وقد استخلصت من مجموعه أن الحرج ما يمكن تحمله بتعب وضيق ومشقة على الجسم دون أن يصل إلى حد الضرر بالصحة والمال ، وان الشارع نفى الحرج عن عباده من