المعنى الثاني مقابلة الضرر بالضرر كمن اعتدى على سيارة جاره لأنه اعتدى على سيارته.
لا عرف هنا للشرع والشارع
والضرر والضرار ليسا من الأسماء الشرعية كالصلاة والصيام ، فإذا وردا في آية أو رواية فالمراد منهما عين المعنى العرفي واللغوي تماما كالدم ولحم الخنزير («وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) ـ ٤ ابراهيم». وإذن فلا ضير عليك أن تفسر الضرار في الحديث بالضرر ويكون العطف لمجرد التوكيد والتفسير ، وأن تفسره بمقابلة الضرر بالضرر ، ويكون المعنى نفي الضرر مطلقا سواء أكان ابتداء ، أم على سبيل المقابلة والمقاصّة ، ونحن على هذا التفسير الأخير.
وتسأل : ان تفسير «لا ضرار» بنفي الثأر والمقاصة ـ كما اخترت ورأيت ـ يتنافى ويصطدم مع قوله تعالى : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) ـ ١٩٤ البقرة»؟.
الجواب :
إن موضوع الآية الكريمة يختص بالقصاص في الجناية على النفس والبدن ، وقد شرع سبحانه هذا لحكمة اشار اليها بقوله : («وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ـ ١٧٩ البقرة» أي ان الجناية على النفس والبدن لا يقمعها أو يخفف منها إلا عقوبة من جنسها حيث يعلم الجاني أنه في النهاية يجني على نفسه بنفسه.
اما موضوع «لا ضرار» فيختص بالمال ونحوه ، فمن أتلف مال غيره يضمنه بمثله أو قيمته ، وهذا خير ألف مرة للناس ولصاحب المال من مقابلة اتلاف المال بمثله حيث يكثر الضرر ويتسع نطاقه بلا جدوى وعوض.
فقه الحديث
والمراد هنا بفقه الحديث صلته بالفقه وتأثيره في تشريع الأحكام بشتى أنواعها