يتعلم الانسان أحكام العبادة من أبويه ومدرسته وبيئته ويعتقد بصحتها ، ويقيمها في أوقاتها شأن المسلم الملتزم غافلا عن سؤال أهل الذكر والرجوع اليهم كما هي حال الاكثر الاغلب ، فما هو الحكم في عبادتهم هذه؟
الجواب :
ان الميزان الأساسي للحكم بالصحة أو عدمها هو الواقع ، فإن ظهر وتبين أن هذه العبادة على طبق الشرع وحدوده فهي صحيحة ولحقتها جميع الآثار من عدم المؤاخذة وعدم وجوب الاعادة في الوقت والقضاء في خارجه ، لأن المكلف أتى بكل ما يعتبر فيها من شروط وأجزاء ، وقصد امتثال الأمر على القطع والجزم ، ولا شيء وراء ذلك ، أما الاجتهاد والتقليد والعلم والدليل ، كل ذلك وسيلة الى بلوغ الحق والواقع ، وقد أداه المكلف بالكامل.
المثال الثاني : أن يعتمد المكلف ـ قبل الفحص عن الدليل ـ على أصل البراءة ، فإذا شك في شرط أو جزء كالسورة بالنسبة إلى الصلاة نفاه بالأصل بلا بحث وسؤال ، وأقامها مجردة عن السورة ومترددا في نية امتثال الأمر لأن شكه في وجوب السورة سرى الى شكّه بالصلاة من دونها ، وأيضا كان منذ البداية عازما على عدم إعادة الصلاة مع السورة ، ثم ظهر وانكشف ان السورة غير واجبة ، فهل تكون صلاته هذه صحيحة لأنها على طبق الواقع ، أو تجب عليه الاعادة والقضاء؟.
الجواب :
قال الانصاري : «لا إشكال ولا خلاف ظاهرا في فساد هذه الصلاة حتى ولو انكشف صحتها بعد ذلك» لأن المكلف أقام هذه الصلاة وهو متردد في نية الامتثال مع أن وظيفته الجزم بهذه النية ، وعليه تكون صلاته بلا نيّة القربة المطلوبة ، ومن البديهي أنه لا عبادة بلا نيّة التقرب إلى الله سبحانه.
وتسأل : سبق منك أكثر من مرة أن الاحتياط باحتمال وجود الأمر ورجاء المحبوبية جائز وصحيح ، وأنه إذا صادف الواقع أجزأ واستحق فاعله ثواب الطاعة ، فكيف ساغ الاحتياط هناك بمجرد الاحتمال ، وامتنع هنا إلا بالقطع والجزم؟.
الجواب :
إن الفرق بين المقيس والمقيس عليه هنا هو عين الفرق بين الشك واليقين ،