تقديم هذه على تلك لأنها احدى مراتب الطاعة والامتثال ، ولذلك أوجب
الأنصاري التخيير ، ووافقه النائيني بشرط أن يكون امتثال أحدهما أو معصيته بمنزلة
سواء لامتثال الآخر أو معصيته من حيث المصلحة والمفسدة ، اما إذا كان امتثال
احدهما أهم من امتثال الآخر فهو المتعين وان استلزم هذا الامتثال المخالفة القطعية
للآخر.
ويلاحظ بأن
الإشكال ما زال قائما مع التخيير لأن الموافقة الاحتمالية باسعاف أحدهما فقط تقترن
حتما بالمخالفة الاحتمالية للآخر ، إذ من الجائز والممكن أن يكون الذي أنقذه هو
الحرام ، والذي تركه هو الواجب.
وإذا ما قال
قائل : أجل ، ولكن التخيير أهون الشرين حيث لا دافع ولا رافع للمخالفة القطعية إلا
بالتخيير ـ قلنا في جوابه : قد يكون الداء دواء ، وتكون المخالفة القطعية بعض
الأحيان عين المطلوب. ولو كان لقاعدة «درء المفسدة أولى من جلب المصلحة ، واجتناب
السيئات أولى من اكتساب الحسنات» لو كان لهذه القاعدة فرد واحد فقط لكان هذا الفرد
من خان وأفسد ، وروّع الآمنين وشرّد البائسين وسبق الكلام عن قاعدة درء المفسدة في فصل التخيير فقرة
الأقوال.
__________________