به بالأمر المحتمل لا بالأمر المعلوم بالاجمال كي يقصده المكلف ، ولا علاقة أو ملازمة بين الأطراف حتى يكون التكليف المعلوم بالنسبة إلى كل الأطراف معلوما أيضا بالنسبة إلى كل طرف بخصوصه ، ومعنى هذا أنه لا فرق اطلاقا بين التعبد بفعل نشك ابتداء في تعلق الأمر به ، وبين التعبد بأي طرف من أطراف العلم الاجمالي ، فإذا صح الاحتياط هناك يصح هنا أيضا.
ونحن مع النائيني لأن المهم في قصد الأمر ونية القربة إلى الله تعالى هو أن تكون العبادة خالصة لوجهه الكريم ، أما الشكل واللون فليس مقصودا لذاته. وبالمناسبة ـ لا بقصد الاستدلال ـ فقد روي أن النبي (ص) قال لرجل : كيف تقول في الصلاة؟ قال : أتشهد ثم أقول : اللهم اني أسألك الجنة واعوذ بك من النار ، أما اني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ ـ الدندنة الكلام المبهم ـ فقال نبي الرحمة (ص) وحولها ندندن.
التنبيه الثاني
اشتباه الشرط الواجب
من كل ما تقدم تبين معنا أن الشبهة الوجوبية والتحريمية المحصورة ، يجب فيها الاحتياط بشتى أقسامها وصورها ما عدا صورة واحدة ، وهي ما كان السبب الموجب للشك تعارض النصين ، فيتعين التخيير.
ولكن بعض الفقهاء استثنوا صورة ثانية من وجوب الاحتياط وقالوا : ان الشبهة الوجوبية الموضوعية لا يجب فيها الاحتياط بقول مطلق ، بل لا بد من التفصيل فيها بين الواجب لذاته والواجب لغيره ، فيجب الاحتياط في النوع الأول دون الثاني ـ مثلا ـ إذا علم المكلف بفوات صلاة المغرب أو العشاء فعليه أن يحتاط ويصلي ثلاثا وأربعا لأن الصلاة واجبة لذاتها ، أما إذا كان عنده ساتران : أحدهما طاهر والآخر نجس ، ولا يدري أيهما الطاهر ولا ثالث لديه ـ فعليه أن يتركهما معا ويصلي عاريا لأن طهارة الساتر شرط في صحة الصلاة وليست واجبة لذاتها والشروط تسقط عند الاشتباه.