عما نحن بصدده لأن موضوعها الشك في التكليف لا في المكلف به بعد العلم بالتكليف ، وسبق الحديث عن ذلك مرارا وتكرارا.
بين المتباينين واجمال النص
اذا كان اللفظ مجملا من كل وجه ولا شيء يفهم منه اطلاقا ـ فوجوده كعدمه ، وهذا النوع من الاجمال خارج عما نحن فيه ، وإذا فهمنا من اللفظ وجوب أمر من أمرين ، والثاني ليس بمحرم ، فهذا هو المقصود بالبحث ، ومثاله أن يقول لك من تجب طاعته : اكرم زيدا العالم ، وفي العلماء زيدان.
وليس من شك في وجوب الاحتياط باكرام الاثنين كما هو الشأن مع عدم النص ، والدليل هو الدليل.
وتسأل : ما رأيك فيما ذهب اليه القمّي ، ونسب الى الخونساري من جواز المخالفة القطعية هنا ، لأن المجمل لا يصلح ـ كما زعما ـ لأمر ولا لزجر؟
الجواب :
ذاك المجمل من كل وجه ، وقد أخرجناه عن البحث منذ البداية ، وفرضنا الكلام في العالم تفصيلا بوجوب الواجب من نفس النص المبين من هذه الجهة ، والإجمال إنما هو في تعيين الواجب وتمييزه عما عداه ، وأيضا فرضنا الكلام في القادر على الطاعة والامتثال ، وتردد الواجب بين شيئين لا مانع يحول دون التكليف وتنجيزه ، ولا دون حكم العقل بالمؤاخذة على المخالفة وعدم الامتثال.
بين المتباينين لمعارضة النص
إذا اشتبه الواجب بغير الحرام لتعارض نصين متكافئين من كل وجه ـ فالمشهور بين الفقهاء بشهادة الأنصاري أن المكلف يختار العمل بأيهما شاء ، وذلك لثبوت الدليل الشرعي على التخيير. وقال الآشتياني في حاشيته الكبرى على الرسائل ج ٢ ص ١٣١ : «الحكم عندنا وعند المشهور هو التخيير فيما تعارض النصان في جميع الصور من غير فرق بين الشك في التكليف وفي المكلف به لأن هذا هو الثابت عن الشارع».