بين المتباينين ولا نص
ونبدأ الحديث بتردد الواجب بين متباينين لعدم النص ، ومثاله أن يعلم المكلف بأن عليه واجبا مرددا بين أن يتصدق بما تيسر مرة واحدة في الأسبوع ، أو يصلي صلاة الليل في كل جمعة ، ولا نص على التعيين ، فما يصنع؟ هل يجوز له أن يترك الصدقة وصلاة الليل معا بحيث يحصل له العلم بالوقوع في المعصية والإثم ، أو يحرم ذلك عليه؟.
الجواب :
لا ريب في حكم العقل والعقلاء بحرمة المخالفة القطعية وترك جميع الأفراد ، وبحسن العقاب على المخالفة لأن المكلف يعلم بوجود الواجب في مورد العلم الإجمالي ، ولا شيء يمنع من تنجيزه وتنفيذه تماما كما هو الشأن في الشبهة التحريمية التي تقدم الكلام عنها مطولا ومفصلا.
سؤال ثان : أجل ، لا ريب في حرمة المخالفة القطعية وترك جميع الأطراف ، ولكن هل تجب الموافقة القطعية بإتيان جميع الأطراف بحيث يحصل العلم للمكلف بفعل الواجب ، أو تجوز المخالفة الاحتمالية والاكتفاء بفعل بعض الأطراف فقط؟.
الجواب :
كلا ، لا يجزي فعل بعض الأطراف عن فعل الكل ، ولا مبرر للمخالفة الاحتمالية ، ولا مفر من وجوب الموافقة القطعية ، والسر في ذلك هنا هو السر في حرمة المخالفة القطعية ، ونعني به شمول دليل الواجب لجميع العلم الإجمالي ، وعلم المكلف بالتكليف ، وعدم المانع من بلوغه حد التنجيز والتنفيذ.
أجل ، للشارع أن يكتفي في مقام الطاعة والامتثال ببعض الأطراف ، ويجعله بدلا عن الواقع ، وعندئذ يرفع العقل يده عن الموافقة القطعية ، ولا يحكم بوجوبها لانتفاء السبب الموجب لهذا الحكم ، وهو الخوف على المكلف من سخط الله ومؤاخذته ، فاذا أمن واطمأن على نفسه من المؤاخذة والحساب ، انتهت مهمة العقل.
ولكن العبرة بوجود الدليل الشرعي على ذلك ، فأين هو؟ أما الدليل الخاص فلا عين له ولا أثر ، واما العام فلا شيء لدينا إلا أخبار الإباحة ، وهي اجنبية