ـ مثلا ـ إذا علم المكلف بأن عليه درهما لواحد من أهل البلد لا يعرفه بشخصه فلا شيء أيسر عليه من التجاهل واللامبالاة ، ولكن يصعب عليه جدا أن يترك أكل اللحم لعلمه بأن جزارا واحدا من عشرات الجزارين لا يحسن الذبح الشرعي أو يحسنه ويتسامح ، ومن هنا صح تقسيم الشبهة التحريمية إلى محصورة وغير محصورة دون الشبهة الوجوبية.
إشارة وتذكير
سبقت الاشارة في فصل الاحتياط فقرة : أسباب الشك ، ان الشبهة التحريمية على قسمين : موضوعية وحكمية ، وأنهينا الحديث عن الموضوعية المحصورة وغير المحصورة مع التنبيهات ، وبقي الكلام عن الشبهة التحريمية الحكمية وهي ما كان سبب الشك فيها عدم النص أو إجماله أو معارضته. ولا ريب في وجوب الاحتياط في الشبهة التحريمية الحكمية إذا كان سبب الشك عدم النص أو إجماله وكانت الشبهة محصورة ـ لنفس الدليل الذي عرضناه في وجوب الموافقة القطعية في الشبهة الموضوعية المحصورة ، أما إذا كانت التحريمية غير محصورة وكان سبب الشك عدم النص أو إجماله ـ فلا يجب الاحتياط ، أيضا للدليل المتقدم في الشبهة الموضوعية غير المحصورة.
وإذا كان سبب الشك في الشبهة التحريمية الحكمية تعارض النصين في تعيين الحرام الثابت واقعا ـ فقد ذهب المشهور بشهادة الآشتياني في حاشيته على الرسائل ، إلى التخيير ، لقيام الدليل الشرعي على ذلك.
وتجدر الإشارة إلى أن عبارة الأنصاري هنا تومئ وتوهم بأن الحكم فيما إذا كان سبب الشك تعارض النصين تماما كالحكم فيما إذا كان السبب عدم النص أو إجماله ، وهو تسامح في التعبير لبعده عن الواقع ، ومثلها أيضا عبارة النائيني برواية الخراساني.
والخلاصة ان الشبهة التحريمية غير المحصورة لا تجب فيها الموافقة القطعية ، أما المحصورة فتجب فيها الموافقة القطعية بقول مطلق إذا كانت موضوعية ، أما الحكمية فتجب فيها الموافقة القطعية إذا كان سبب الشك عدم النص أو إجماله ، وإذا كان تعارض النصين فالحكم هو التخيير.