هل يجب الاحتياط في مشكوك الحصر تماما كما لو علمنا بعدم الحصر؟ ولمجرد التقريب نعرض هذا المثال ، وهو أن تنحصر النجاسة بين إناءين ، ثم يختلطان في العديد من أوان متشابهة شكلا وحجما ، ولا ندري هل صارت الشبهة بسبب ذلك غير محصورة ، أو أن الخلط لم يحدث أي تغيير بالنسبة إلى الحصر؟.
الجواب :
لا مفر هنا من العمل بالاحتياط لأن التكليف ثابت باليقين كما هو الفرض ، والشك إنما هو في وجود المانع (أي عدم الحصر) والأصل عدمه حتى يثبت العكس ، وعلى حد ما قاله الأنصاري ـ محتوى لا أسلوبا ـ ان الدليل القاطع قام على وجود الحرام وتنجيزه محصورا كان أم غير محصور ، فوجب الاجتناب عن الاثنين من غير فرق ، ثم قام دليل آخر على خروج غير المحصور ، فأخرجنا المعلوم منه ، وبقي المشكوك مشمولا بوجوب الاجتناب ، ومصداقا لدليله حيث لا دليل على خروجه ، ولا أمن وأمان من الوقوع في الضرر على فرض المخالفة وبكلمة أجمع : التكليف اليقيني يستدعي الامتثال اليقيني.
التنبيه الثاني
لا مخالفة قطعية
بعد العلم بأن الاحتياط لا يجب في الشبهة غير المحصورة ، فهل تجوز المخالفة القطعية بارتكاب جميع الأطراف بحيث يعلم المكلف أنه في فعله هذا وقع في الإثم والمعصية؟.
أورد هذا السؤال الأنصاري وقال في جوابه من جملة ما قال : «التحقيق عدم جواز ارتكاب الكل لاستلزامه طرح الدليل الواقعي الدال على وجوب الاجتناب عن المحرم». وقال النائيني : ان هذا السؤال غير وارد من الأساس بعد الفرض بأن ارتكاب جميع الأطراف في الشبهة غير المحصورة ، متعسر ومتعذر. ونحن مع النائيني في جوابه هذا لأن القدرة العقلية لا تؤثر أثرها في تنفيذ التكليف وتنجيزه مع الضيق والحرج الذي اعتبر قيدا في غير المحصور.
أجل ، ان المخالفة القطعية متيسرة وممكنة في الشبهة الوجوبية غير المحصورة