ثانيا : ان الاحتياط بالموافقة القطعية يستدعي الضيق والحرج ، وهو منفي شرعا وعقلا ، وفي حاشية الآشتياني على الرسائل : «لم أر من لم يتمسك بهذا الدليل ممن تعرض لحكم المسألة ، بل ربما يجعلونه الضابط لغير المحصور».
ثالثا : ان أخبار الحل والإباحة والطهارة تعم وتشمل كل مجهول ومشكوك في حكمه حتى ولو كان طرفا للشبهة المحصورة. وأيضا أخبار الاحتياط والتوقف عند الشبهات تعم كل شبهة حتى ولو كانت طرفا لغير المحصورة ، وطريق الجمع أن نحمل أخبار الاحتياط على الشبهة المحصورة لمكان العلم بوجوب الموافقة القطعية فيها ، ونحمل أخبار الحل على غير المحصورة ، أيضا للعلم بعدم وجوب الاحتياط فيها.
رابعا : ان السبب الموجب لحكم العقل بالاحتياط ووجوب الموافقة القطعية في الشبهة هو أن احتمال الضرر الأخروي قوي ومتمكن إلى حد لا يقبح معه العقاب على المخالفة ، أما احتمال الضرر في غير المحصورة فهو واه وضعيف لا وزن له إطلاقا ويقبح معه العقاب على المخالفة في نظر العقل والعقلاء. ومثّل له الأنصاري بالفرق البعيد بين العلم بوجود السم في إناء من اثنين والعلم بوجوده في إناء من ألفين ، وأيضا فرّق بين العلم بشتم شخص من شخصين والعلم بشتم واحد لا على التعيين من أهل البلد ، وأيضا بين الخبر بموت رجل من رجلين ، والخبر بموت واحد من الجيش أو من أهل البلد ، كل هذه الأمثلة وكثير غيرها دليل واضح على أن الأثر لقوة الاحتمال ، وانه لا أثر للاحتمال الضعيف. وهكذا كل ضعيف.
وليس من شك أن هذه الأدلة بمجموعها تتعاضد في الدلالة على عدم وجوب الاحتياط لو فرضنا وسلّمنا بأن كل واحد منها لا يفي بالحجة الالزامية الكافية.
التنبيه الأول
الشك في الحصر
عرفنا من كل ما سبق وجوب الاحتياط في الشبهة التحريمية المحصورة دون غيرها ، ونسأل الآن : ما هو مقتضى الأصل عند الشك في الحصر وعدمه ،