بل والواحدة أيضا .. حتى رجال المباحث ومكاتب الاستخبارات وأجهزة التجسس يركنون ويعملون بخبر الواحد ، وعلى أساسه تقيّم الدول سياستها حربا وسلما واقتصادا وعلما .. الى ما لا يحصيه إلا عقل الكتروني ، ولو لا الاعتماد على خبر الواحد لاختل نظام الحياة الاجتماعية بشتى أبعادها.
ولا أحسب عاقلا يجرؤ على القول بأن كل ذلك مصدره الدلائل والقرائن القطعية التي رافقت خبر الواحد لأنه خلاف الحس والوجدان. وقال المحققون من العلماء : ان خبر الواحد الموثوق حجة ودليل ، لسيرة العرف والعقلاء ، وان هذه السيرة شرعة متبعة إذا أقرها الشارع صراحة أو ضمنا بالسكوت عنها ، وكل الأخبار المتواترة والمتعاضدة على جواز العمل بخبر الواحد هي امضاء وتقرير من الشارع لسيرة العقلاء ، ولو انه ردع عنها لم تكن حجة ، أما نحن فنقول : يستحيل أن يردع الشارع عن سيرة العقلاء فيما يعود إلى العمل بخبر الثقة لأنها الركن الركين لنظام الحياة والتفقه بالدين ، ومن ينسب مثل هذا الى الشرع والشارع فهو مشتبه.
والخلاصة
والخلاصة انه يجب العمل بكتاب الله وسنة نبيه المتواترة بالقطع وضرورة الدين ، وأيضا ثبت بالقطع المنع عن العمل بالظن إلا ما خرج بالدليل ، وقد خرج بالدليل القاطع الظن الشأني النوعي الناشئ من ظواهر الكتاب والسنة ، وقول اللغوي إذا لم يصطدم مع الشرع والعرف ، والشهرة الروائية في باب الترجيح ، وخبر الواحد بشرط الوثاقة والأمانة. ولا خصوصية أو أية ميزة للكتب الأربعة (١) علي غيرها من حيث الالتزام بالأصل القائل : لا يجوز العمل بالظن إلا ما خرج بالدليل ، أجل ان أكثر الأخبار التي دل الدليل على خروجها عن هذا الأصل ـ تحتوي عليها الكتب الأربعة.
__________________
(١) وهي كتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني ، ومن لا يحضره الفقيه لمحمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، والتهذيب ، والاستبصار لمحمد بن الحسن الطوسي. واذا قال فقهاء الشيعة : المحمدون الثلاثة ، فالمراد بهم هؤلاء الأقطاب. اللهم صل على محمد وآل محمد.