تقرير الاجماع
قال الأنصاري في رسائله : اما الاجماع على حجية خبر الواحد فطريق تحصيله أحد أمرين : الأول تتبّع أقوال العلماء من زماننا إلى زمان الشيخين : المفيد والطوسي ، فيحصل من ذلك القطع .. والثاني تتبّع الاجماعات المنقولة. ثم عرض الكثير من قول العلماء القصير والطويل والأوسط وانتهى إلى القول :
«الإنصاف انه لم يحصل في مسألة يدّعى فيها الاجماع والشهرة العظيمة والامارات الكثيرة الدالة على العمل ما حصل في هذه المسألة ، فالشاكّ في تحقق الاجماع في هذه المسألة لا أراه يحصل له الاجماع في مسألة من المسائل الفقهية .. ولكن الانصاف ان المتيقن من هذا كله الاطمئنان لا مطلق الظن».
وفي رأينا أن حصول الاطمئنان ليس شرطا للعمل بخبر الواحد لأن حكم الاطمئنان حكم العلم ، وانه يجب العمل بهذا الخبر حتى ولو لم يحصل الظن منه فضلا عن الاطمئنان ، وانما الشرط الأساسي هو امانة المخبر وتورعه عن الكذب ، وهذا وحده هو شرط كتاب الله وسنة نبيه وآله والتابعين لهم بإحسان ، وغير بعيد أن يكون مراد الشيخ بالاطمئنان هنا مجرد التثبت والتأكد من أمانة الراوي وصدقه.
العقلاء وخبر الواحد :
الغريب يسأل : أين الطريق؟ ويسلكه تلقائيا بمجرد الاشارة اليه أيا كان المشير ، والطبيب يخبر عن الداء ويصف الدواء ، والمهندس يرسم الخطوط أو ينصح باخلاء المسكن ، والفقيه يفتي الجاهل بالحلال والحرام ، والمحامي يشير على صاحب العلاقة .. والكل يسمعون ويعملون ، ولا أحد يشاكس ويعاكس في شيء من ذلك ، ولا فيما هو أخطر شأنا وأعظم.
وأيضا كل العقلاء يقبلون الرسالات الشفهية ويجيبون عليها بلا تحفظ ، وكل المعاملات والصناعات والمهن والتجارة أو جلّها ترتكز على خبر الآحاد ، وكان المسلمون يتزوجون أيام زمان الحجاب ، ويربطون حياتهم ومصيرهم بخبر الواحد ،