وسؤال. وعليه يسوغ لنا أن نعتمد على خبر الواحد ان كان الراوي من غير أهل الذنوب والعيوب.
وقد انهالت الطعون والنقوض على الاستدلال بهذه الآية من كل حدب وصوب. قال الشيخ الانصاري : «أورد على الآية ايرادات ربما تبلغ الى نيف وعشرين»!. وفي سائر الأحوال نذكر من هذه الايرادات واحدا فقط لأن فيه الكفاية وزيادة.
ويتلخص هذا الواحد بأن الركن الأول لوجود المفهوم هو أن يكون الموضوع في المنطوق مع كل ما يتصل به موجودا في المفهوم ما عدا الحكم فإنه في المفهوم ضد الحكم في المنطوق ، مثل : إن أتاك زيد فأكرمه. فإن المفهوم لهذا الكلام هو إن لم يأتك زيد فلا تكرمه ـ وليس إن أتاك أو لم يأتك عمرو ـ فقد توارد الايجاب في منطوق هذا الكلام والسلب في مفهومه على موضوع واحد ، وهو زيد.
والموضوع في منطوق الآية الفاسق فيجب ان يكون هو دون غيره الموضوع في المفهوم أيضا بحيث يكون المفهوم هكذا : وان لم يجئكم فاسق بنبإ فلا يجب التبين لا إن جاءكم عادل فلا يجب التبين ، لأن العادل غريب عن المنطوق فكيف يكون موضوعا للمفهوم؟.
وسبقت الإشارة مرات إلى أن محل البحث خبر الثقة الأمين دون الفاسق.
هذا ، إلى أنه لا مفهوم لهذه الآية من الأساس حتى بلفظ إن لم يجئكم فاسق الخ .. لأنه مع عدم النبأ لا يبقى موضوع للتثبت من صدق النبأ والمنبئ ، فكيف نسلب المحمول عن موضوع لا عين له ولا أثر؟ وهل يصح قول من يقول لك : لا تتصرف بالمعدوم ، وإياك ان تجالس غير الموجود؟ وعليه يكون الشرط في هذه الآية لمجرد بيان الموضوع وكفى تماما كقوله تعالى : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) ـ ٨٦ النساء». ولو قال قائل : تدل هذه الآية بمفهومها على أن من ترك التحية لا يجب علينا أن نردها له ـ لاتهمناه بالعته والبله.