التحريم وما اشبه من مباحث الألفاظ ـ فهو بحث في الصغرى بعد التسليم بالكبرى تماما كالبحث في ان هذه الكلمة فاعل أو مفعول مع العلم والاتفاق بأن الأول مرفوع والثاني منصوب.
الاخباريون :
ذهبت فئة من الاخباريين إلى أن آي الذكر الحكيم لا تفسّر إلا بالنص من المعصوم ، وان المحكمات منها تماما كالمتشابهات من حيث الاتقاء والاحجام عن القول فيها خشية الوقوع في الحرام. وقال الشيخ الانصاري في الرسائل : «ان العمدة في منع الاخباريين عن العمل بظواهر الكتاب هي الاخبار المانعة عن التفسير». وأقوى هذه الأخبار قول الرسول الاعظم (ص) : من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار.
الجواب :
١ ـ ان هذا التهديد والوعيد محمول على التفسير بلا علم ، أو على تكييف الآيات وتحريفها حسب الأغراض والأهواء ، أو على الأخذ بظاهر الآية دون النظر إلى سائر الآيات كالناسخة والمخصصة والمقيدة مع العلم بأن القرآن ينطق بعضه ببعض ، ويشهد بعضه على بعض ، كما قال الامام (ع) ودون النظر إلى بديهة العقل وما صح من النقل عن سيد الكونين.
٢ ـ ان في القرآن الكريم الكثير من النصوص المحكمة الداعية إلى تدبر القرآن وتعقله ، والاستنارة بهداه ، والانتفاع بعظاته ، والعمل بأحكامه ، ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ـ ٢ يوسف» .. (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) ـ ٢٤ محمد» وإذا كان القرآن ألغازا وطلاسم فكيف نتدبر آياته ونتعقلها؟ وهل تقوم الحجة على الخلق بالغيب المحجوب؟.
٣ ـ ان القرآن معجزة الإسلام الخالدة ، وتنفرد معجزته عن كل المعجزات بالعموم والشمول ، وبأنها مصدر التشريع ومصدر الاخلاق ، وبأنها نهضة انسانية ، وثورة علمية تخرج الناس من الظلمات الى النور ، وتفتح أمام العلماء والباحثين آفاقا واسعة من الدراسة والتفكير والتأليف والتصنيف في شتى العلوم والفنون ،