غير بصرف النظر عن فتح باب العلم بالأحكام أو سده. ويأتي الحديث عن هذا السد ان شاء الله في فصل مستقل.
ونبدأ الحديث عما خرج بظواهر الكتاب والسنة ، ان كل آية أو رواية قطعية الدلالة كالآيات والروايات الناطقة بوجوب الواجبات وتحريم المحرمات التي لا يختلف في تحديدها اثنان من المسلمين ـ فهي خارجة عما نحن بصدده ، لأنّا نتكلم عن الظن لا عن القطع ، وكل آية أو رواية ظنية فهي محل الكلام.
وليس من شك أن ظاهر الكلام بيان ودليل يوجب العمل به ، لا فرق في ذلك بين كلام الكتاب والسنة وغيرهما ، وسواء أحصل من هذا الظاهر الظن الفعلي الشخصي لمن علم به أم لم يحصل ما دام الكشف عن المدلول ذاتي لدلالة الظاهر من الكلام ، بل هو هي ، ومتى تحقق هذا الكشف يرتفع الحجاب ، وينقطع العذر ، وتتم الحجة على الجميع المقصود بالمشافهة وغير المقصود ، لأن عدم القصد لا يبطل دلالة الدليل ، ولا يسوغ لغير المقصود أن ينكرها ويقول : لا دلالة لهذا الكلام لأني غير مخاطب به.
وعلى هذا جرى العرف العام الذي يعبّر عنه علماؤنا ببناء العقلاء من كل دين ومذهب ، والشارع المقدس سيد أهل العرف والعقل يخاطب الناس في أحكامه ومرامه على المألوف والمعروف فيما بينهم ، ولا يختلف عاقلان في ان المعنى المدلول عليه بظاهر اللفظ ، أي لفظ ، هو المقصود والمراد للمتكلم ، وانه حجة له وعليه. قال الإمام أمير المؤمنين (ع) : «الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به ، فاذا تكلمت به صرت في وثاقه».
وعلى هذا الأساس يرتكز القضاء والعديد من الأحكام الشرعية ، وترسم الحقوق والواجبات ، وبه وعليه تدور عجلة الخطابات والفهم والإفهام ، ولولاه ما انتظم شيء من الحياة الاجتماعية ، وبهذا يتبين معنا أنه لا حاجة إلى القول «بأن الشارع قرر هذا العرف أو هذا البناء ولم يردع عنه» ما دام الردع غير ممكن ، والتقرير تحصيل للحاصل. ان الشارع يقرر ويقلّم ويطعّم من المعروف عرفا ، ما في ذلك ريب ، ولكن حيث تدعو الحاجة إلى التقرير والتقليم والتطعيم.
وتبعا للسادة المؤلفين في الاصول نشير أن البحث في حجية الظواهر هو بحث في الكبرى لا في الصغرى أي في القاعدة الكلية من حيث هي بصرف النظر عن مصاديقها وأفرادها ، اما البحث في دلالة الأمر على الوجوب ، والنهي على