أما حمل الأمر في المقيد على الاستحباب فهو خلاف الظاهر ، ولا يسوغ القول به إلا بقرينة ودليل ، ولا دليل هنا سوى الزعم والوهم بأن إطلاق المطلق يزاحم ظهور المقيد! وسبقت الاشارة في رقم (٢) الى أنه لا إطلاق هنا من الأساس لعدم توافر مقدمات الحكمة ، وإذن فلا مزاحمة ، وبالتالي فلا مفر من إرجاع المطلق الى المقيد وحمله عليه ، واعتبارهما دليلا واحدا لا دليلين.
الندب
اذا كان الأمر في المطلق والمقيد للندب لا للوجوب ـ فلا موجب لحمل المطلق على المقيد ، لأن المندوب مرخص بتركه بالاضافة الى انه على درجات متفاوتات ، واذن فأين المنافاة التي تستوجب الجمع العرفي ، ومن أمثلة ذلك : يستحب الدعاء ، ويستحب الدعاء ليلة الجمعة. وقال الشيخ الأنصاري : ذهب المشهور الى عدم حمل المطلق على المقيد في المستحبات لأن تعدد الاستحباب كما يكون بتعدد الفعل وتكراره يكون أيضا بتعدد المراتب ، فإذا ورد خبر مطلق بزيارة الحسين (ع) ثم مقيد بزيارته يوم عرفة يحمل المقيد على زيادة الاستحباب في عرفة.
الحكم الوضعي
الأحكام الشرعية منها تكليفية ، كالإيجاب والتحريم ، ومنها وضعية كالصحة والفساد ، والنوع الأول يتعلق بالمعروف والمنكر ، ويقع الثاني في العقود والموجبات ، وسبق الكلام عن الحكم التكليفي المتعلق بالمطلق والمقيد. والآن نشير الى الحكم الوضعي ، وهل حال المطلق والمقيد معه تماما كحالهما مع الحكم التكليفي سلبا وايجابا؟
ولا بد من التفصيل بين صورتين : الأولى أن يكون المطلق في سياق الإثبات ، والمقيد في سياق النفي مثل : البيع سبب للملك ، وبيع الخنزير ليس سببا للملك. وفي مثله يحمل المطلق على المقيد لوجود المنافاة.
الصورة الثانية أن يكون كل من المطلق والمقيد في سياق الإثبات مثل البيع سبب للملك ، والبيع الفلاني سبب للملك. وفي هذه الحال يبقى المطلق على إطلاقه ،