الشرعية ولكن بدليل زائد كالضرورة والإجماع والنص المتواتر. وهذا اعتراف صريح بنفي الثمرة العملية لهذا البحث.
العام والضمير الخاص
قد يرد عام بعده ضمير يرجع على بعض أفراده ، ويكون الحكم أو المحمول على الذين رجع الضمير عليهم مغايرا لحكم العام ، مثل أخذ الله على العلماء أن يبينوا أحكامه للناس ، وبهم يستقيم الحق ، ويحفظ الدين. فهنا صيغتان وحكمان أو حكم ومحمول متغايران : الصيغة الأولى عامة لكل العلماء حتى الساكت الصامت والحكم فيها وجوب البيان ، والثانية خاصة بالعلماء العاملين المجاهدين ، والحكم فيها أو المحمول إقامة الحق وحفظ الدين.
وعليه نتساءل : هل رجوع الضمير هنا الى بعض أفراد العام يستدعي صرفه عن العموم والشمول وتخصيصه بالأفراد الذين رجع الضمير اليهم دون غيرهم ، أو ان العام يبقى على شموله وعمومه؟.
الجواب :
ذهب قوم الى التوقف بدعوى أن تخصيص العام ببعض أفراده يستدعي التصرف بظاهره من غير مبرر. وأيضا بقاء العام على ظاهره يستدعي التصرف بالضمير الخاص ببعض الأفراد وصرفه عن ظاهره الى كل الأفراد على سبيل الاستخدام من غير مبرر (١). ولا فرار من التحكم والترجيح بلا مرجح الا إغلاق الفم على الصمت.
وقال آخرون : لا يسوغ بقاء العام على عمومه بعد العلم برجوع الضمير الى بعض أفراده ، لأن هذا الرجوع وحده كاف في الدلالة على تخصيص العام وان المراد منه منذ البداية الذين رجع اليهم الضمير دون سواهم.
والحق أن العام باق على عمومه ، لأنه ظاهر في جميع الأفراد ، ولا قرينة
__________________
(١) معنى الاستخدام أن يعود الضمير إلى شيء ويراد به شيء آخر ، ومثلوا له بقول القائل :
اذا نزل السماء بأرض قوم |
|
رعيناه وان كانوا خضاباً |