الرئيسي في كل مبدأ انساني أن يسقط ما هو خاص بفرد أو فئة ، ولا يبقى إلا ما هو عام بين الناس ، كل الناس. وإذن فلا معنى للخلاف أو التساؤل : هل المخاطبة شفاها ـ الواردة في النصوص الشرعية ـ تختص بالحاضرين ، أو تعمهم والغائبين والمعدومين الذين سوف يوجدون بعد ذلك؟.
ولا أدري : هل نسي أهل هذا الخلاف والتساؤل من الفقهاء والأصوليين ، هل نسوا أو تناسوا قوله تعالى لنبيه الكريم : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) ـ ١٠٧ الأنبياء». وقوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) ـ ٢٨ سبأ». وقوله : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) ـ ٨٧ ص». وحديث حلال محمد حلال الى يوم القيامة ، وحرامه حرام الى يوم القيامة .. وبعثت الى الأحمر والأسود. الى العديد من الآيات والروايات؟. ومن هنا كان الاسلام منهجا للحياة ، وأسلوبا للعمل على أساس العدل والمساواة.
وتسأل : أجل ، ولكن الخلاف هنا في الوضع اللغوي ، وفي دلالة اللفظ لا في المبدأ الديني وما يجب عمله شرعا لنص أو إجماع؟.
الجواب :
إن سلمنا ـ جدلا ـ بأن الخلاف هنا في الوضع اللغوي فإنا ننكر الثمرة العملية لهذا الخلاف بعد ان علمنا علم اليقين بأن المراد من استعمال المخاطبة في النصوص الشرعية هو المعنى الأعم الشامل لكل من كان ويكون ، لأن طبيعة المستعمل فيه تقتضي هذا العموم والشمول. وعليه فأي خطاب شرعي يوجه للحاضر فإنما يوجه اليه باعتبار النوع والشمول لا باعتبار الفرد والخصوص. قال الشيخ النائيني كما قرره السيد الخوئي : «الصحيح هو عموم الخطاب للمعدوم والغائب والحاضر على نهج واحد». والسر عنده لذلك هو أن القضايا الشرعية بكاملها من نوع القضايا الحقيقية التي يكون الحكم فيها على الماهية من حيث تناولها لكل فرد من أفرادها أينما وجد ويوجد. وتكلمنا عن ذلك في فصل (العام والخاص) فقرة (النصوص الشرعية قضايا حقيقية).
وبعد ، فإن المرحوم الرضا المظفر كان واقعيا في إهماله وتجاهله هذا البحث بكتابه أصول الفقه ، لأن هذا البحث مجرد كلام لا يرشد الى عمل ، وحتى من ذهب الى تخصيص الخطاب بالحاضر قال : إن الغائب يشارك المخاطب في النصوص