أو يكون هذا الكلام لغوا من أساسه لا يثبت ولا ينفي! .. ولا عاقل يلتزم بذلك. كيف؟ وإلا محق الدين وشريعته! ويستحيل حتى في عالم التصور والتعقل صحة الخلاف في ان العام هل هو حجة أو ليس بحجة فيما بقي تحته من أفراد بعد التخصيص ، حيث يرجع الخلاف في ذلك الى الخلاف في ان الحجة اللازمة هل هي حجة أو ليست بحجة! وان الأدلة الثابتة في كتاب الله وسنّة نبيه هل يجوز العمل بها أو لا يجوز! لأن كل عمومات الكتاب والسنّة أو جلّها قد لحقها التخصيص. ومثلها سائر العمومات ، ومن هنا شاع واشتهر : ما من عام إلا وقد خص.
وتسأل : اذا كان الخلاف في ثبوت حكم العام لما بقي تحته من أفراد هو بهذه المنزلة من الهذيان ، ومن نوع الخلاف في وجود الموجود و «تعقيل» ما يعقل ـ فكيف عرضه علماء الأصول من السنّة والشيعة ، وعقدوا له فصلا خاصا ومطولا في كتبهم ، واهتموا به أي اهتمام؟.
الجواب :
أول من أثار هذا الخلاف علماء السنّة ، فقد حرروه وسجلوه في كتب الأصول وأطالوا فيه الكلام ، وتعددت فيه الأقوال ، فمن قائل : بأن العام حجة في الباقي مطلقا ، وآخر بالنفي مطلقا ، ومفصل بين الخاص الموصول والمفصول (انظر كتاب كشف الأسرار ومتنه للبزدوي ، وفواتح الرحموت لابن عبد الشكور ، وجمع الجوامع لابن السبكي وغير ذلك). ثم تبعهم علماء الشيعة ولكن في عرض الخلاف والأقوال عند السنّة حيث لا خلاف عند الشيعة في ثبوت حكم العام لجميع ما تبقى تحته من أفراد بعد التخصيص.
قال الشيخ الأنصاري في (التقريرات) : «لا ينبغي الإشكال في ان العام حجة في الباقي .. ولا يظهر من أصحابنا الشيعة فيه خلاف ، وانما نسب الخلاف الى بعض السنّة .. وعلى القول بالنفي يجب سد باب الاجتهاد ـ حتى على أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم ـ لأن رحى الاجتهاد تدور على العمل بالعمومات». وقال المحقق القمّي في (القوانين) : المعروف من مذهب أصحابنا ان العام حجة في الباقي ، واختلف السنّة في ذلك الخ.
وبعد ، فإن التخصيص لا يؤثر في العام من حيث كونه حقيقة في الداخل والخارج وان اختلفا في الحكم ، وأي مانع من الحكم ايجابا على أحد الأخوين ،