جائز عقلا ، وواقع شرعا ، والاستقراء يدل على أن المخصص على أنواع :
منها الحسّ نحو قوله تعالى : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) ـ ٢٣ النحل». فإن أكثر الأشياء لم تكن عند بلقيس بالوجدان ، فوجب تخصيص الشيء بما كان موجودا في بلادها أو زمانها ، ومنها العقل فإنه يسقط المؤاخذة عن الجاهل القاصر ، لاستحالة تكليف من لا يفهم ، ومنها الإجماع كحديث «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» حيث اتفقوا على ان المراد لا صلاة كاملة فاضلة ، ومنها النقل متصلا كان أو منفصلا. وفيما يلي التعريف بالموصول والمفصول.
الموصول والمفصول
الخاص الموصول هو أن يكون جزءا من الكلام المشتمل على العام نحو «لا إله إلا الله». والمفصول أن يكون كل من الخاص والعام في دليل مستقل عن الآخر كقوله تعالى : («وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) ـ ٣٨ المائدة». ثم يرد عن المعصوم «لا يقطع السارق في عام مسنت» أي مجدب ممحل. وبكلمة الموصول يلتصق بالعام ، والمفصول يتراخى عنه.
وليس من ريب في ان العام إذا لم يلحقه الخاص دل بظاهره على استغراق ما يصدق عليه بالكامل. وعليه نسأل : إذا لحقه الخاص فهل يبقى ظهور العام على ما كان من الاستغراق قبل التخصيص ، أو أن الخاص يصرفه الى ما بقي بعد التخصيص؟.
والجواب عن هذا السؤال يقتضي التفصيل بين الخاص الموصول بالعام والمفصول عنه ، فإن كان من نوع الموصول فلا ينعقد للعام ظهور منذ البداية إلا فيما بقي تحته من أفراد لأن الكلام واحد فيجب أن تكون دلالته واحدة ، ومن هنا قيل : لا ينعقد للكلام ظهور إلا بعد تمامه. وعليه يكون استعمال العام في استغراق ما بقي ، على سبيل الحقيقة دون المجاز ، لأن المعنى الحقيقي للعام هو الاستغراق ، وقد استعمل حال التخصيص في هذا المعنى بالذات. وسبقت الاشارة الى أن استغراق كل شيء بحسبه.
وان انفصل الخاص عن العام يبقى ظهور العام على ما كان قبل التخصيص حيث لا قرينة تصرف العموم عن عمومه حين صدوره وتمامه ، كما هو الفرض.