فالعموم مجمل من هذا الوجه. والمحقق النائيني وان اعترف بهذه الحقيقة فإن دعواه أن العام المجموعي يحتاج الى زيادة في البيان دون غيره ـ فيها نظر ، فقد تكون نفس كلمة العموم تدل بالوضع أو بمطلق الظهور على العموم المجموعي.
ومن ألفاظ العموم الجمعي المقرون ب «ال» حيث لا عهد مثل : قد أفلح المؤمنون ، والنكرة بعد النفي «لا إله إلا الله» ، والمفرد المقرون ب «ال» التي تفيد الاستغراق ، وضابطها ان تخلفها «كل» مع بقاء المعنى المقصود مثل : الزانية والزاني فاجلدوا الخ ، فإن اختل المعنى فلا دلالة على العموم كالعهدية نحو : اليوم اكملت لكم دينكم ، والجنسية : الرجل خير من المرأة حيث لا يستقيم المعنى لو قلنا : كل يوم أكملت ، وكل رجل خير من كل امرأة.
وعدّ صاحب (القوانين) من ألفاظ العموم لفظة الجميع وما يتصرف منها ، وكافة وقاطبة ومن وما الشرطيتين والاستفهاميتين ، أما الموصولتان فلا عموم فيهما إلا أن تتضمنا معنى الشرط.
العام والمطلق
العام يتناول كل ما يصلح له من أفراد دفعة واحدة نحو «الله خالق كل شيء» والمطلق ما دل على الماهية بلا قيد بحيث اذا جاء في سياق النفي تناول كل أفراد الماهية واذا جاء في سياق الإثبات تنال فردا شائعا من أفرادها مثل «أو تحرير رقبة» فإطلاق الرقبة هنا يدل على ان المراد فرد واحد من أفرادها التي تستوي جميعا في نظر العقل من حيث تأدية الغرض بمجرد وجود الطبيعة في أي فرد كان ويكون ، ومن هنا قالوا : إن عموم العام شمولي ، أي يشمل الكل دفعة واحدة ، وعموم المطلق بدلي أي يكتفي بالواحد عند الإثبات بدلا عن سائر الأفراد ، وعليه يكون المطلق عاما من حيث صدق الماهية على كل فرد بالتواطؤ ، وخاصا من حيث الاكتفاء بالواحد. ونعود الى المطلق ثانية في بابه.
والكلام هنا في العام والخاص ، ويأتي الحديث عن المطلق والمقيد إن شاء الله ، أما الحديث عن التعارض بين ظهور العام وظهور المطلق وترجيح أحدهما على الآخر ـ فمكانه الملائم باب التعارض والتراجيح. فإلى هناك.