والحق ان العدد لا مفهوم له ، وعليه يجب الوقوف والتعبد بالمنطوق فقط ، ولا يجوز التعدي عنه الى زيادة أو نقصان إلا مع القرينة. ومثال وجود القرينة على جواز الاضافة والزيادة قول الشارع : «اغسل الإناء من سؤر الخنزير سبع مرات» لأن الغاية من التكرار هنا إزالة الخبث والقذارة ، وزيادة الغسل تحقق هذا الغرض وتؤكده. ومثله قول المتسول : اعطني درهما واحدا. ومثال القرينة على عدم الزيادة قوله تعالى : (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) لأن الزيادة هنا ظلم وعدوان. ومثال القرينة على جواز النقصان قول الشارع : أكثر الحيض عشرة أيام.
ومتى تجرد الكلام عن القرائن فلا دلالة فيه على ما زاد أو نقص ، ومعنى هذا ان من قال : عندي عشرة دراهم ، وأنت تعلم ان لديه أكثر ـ فلا يسوغ لك أن تنعته بالكاذب ، لأن العدد لا مفهوم له ، وذكره لا يدل على عدم الزيادة ونفيها.
مفهوم اللقب
ومعناه ان اثبات شيء لاسم أو وصف أو جنس يستدعي نفيه عن غير المذكور! فإذا قال قائل : زيد قائم أفاد قوله هذا أن غير زيد لم يقم ، وان قال : في التمر حلاوة فقد نفى الحلاوة عن غير التمر حتى السكر والعسل ، أما إذا قال : ما أنا بزان ، ولا أمي بزانية فقد رمى المخاطب وأمه بالزنا ، وأقيم عليه حد القذف .. الى آخر هذا الهراء والغباء.
وشذ الدقاق والصيرفي وابن خويزمنداد وبعض الحنابلة وقالوا بمفهوم اللقب (١). ومن الردود الساخرة على هؤلاء الشذاذ : ان هذا يستلزم كفر القائل : زيد موجود ، وبكر عالم ، لأنه جحود لوجود الله وعلمه ، وكذا لو قال : عيسى رسول الله ، لأنه كفر برسالة محمد (ص).
__________________
(١) جمع الجوامع لابن السبكي. وفيه أيضا بلا فاصل ان أبا حنيفة أنكر كل المفاهيم بلا استثناء ج ١ ص ١٣٧ طبعة سنة ١٣٠٨ ه.