الأقوال
ذهب أكثر علماء الشيعة والسنّة الى القول بمفهوم الغاية ، وفي أكثر من كتاب من كتب الأصول «عمل الجمهور بمفهوم الغاية ، وقال به من لم يقل بمفهوم الوصف والشرط».
واحتج المثبتون بأدلة منها ان الغاية نهاية ، ونهاية الشيء انتفاؤه وعدمه ، وإلا فلا نهاية ، وهذا خلاف الفرض.
ومنها ان كل انسان يفهم ويتبادر من «كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام» انه لا حلال مع العلم بالحرام «ويفهم من : اضربه حتى يتوب. واحبسه حتى يؤدي الدين» انه لا ضرب بعد التوبة ، ولا حبس بعد الأداء.
وتسأل : إن محل الخلاف فيما اذا تجرد الكلام عن القرائن ، وهذه الشواهد والأمثلة مصحوبة بالقرينة الواضحة ، وهي ان العلم بالحرام لا يجتمع مع الحلال ، وإن القصد من وجوب الضرب وجود التوبة ، ومن الحبس وجود الأداء ، فيكون الحكم مقصورا على ذلك ومنتهيا بتحقق الغاية ، وعليه فلا يصح الاستدلال بهذه الأمثلة على ثبوت مفهوم الغاية.
ويمكن أن يجاب بأن المثبتين لمفهوم الغاية ذكروا هذه الآية ، وهم على علم بما تستصحب من قرائن ، بل قد اتخذوا منها دليلا على ان الغاية ـ على العموم أو الأغلب ـ تكون قيدا للحكم لا للموضوع على عكس الوصف فإنه قيد للموضوع لا للحكم كما أسلفنا وكل قيد يرجع الى الحكم يدل على انتفاء سنخه ونوعه عما يخالف القيد ، وأيضا كل غاية ترجع الى الحكم تدل على الانتفاء عما بعدها.
وفي (تقريرات) الأنصاري : «احتج النافون لمفهوم الغاية بأنه لو كان لدلت عليه إحدى الدلالات الثلاث ، ولا شيء منها. والجواب ان العرف شاهد على ثبوت الدلالة الالتزامية». وإن دل هذا الدليل وجوابه على شيء فإنما يدلان على ان كل المفاهيم ، بل ومداليل الألفاظ بكاملها ـ لا مدرك لها إلا الظهور والتبادر المحسوس ، بخاصة اذا كان الكلام في الوضع كما هو في مفهوم الغاية ، لا في الاطلاق كما هو في مفهوم الشرط.