رأينا
نحن مع الحس والوجدان ، ولا وزن لأي تصور عندنا أو لأية فكرة إلا إذا كانت انعكاسا عن الواقع المحسوس بالذات أو بالأثر. ومن الواضح ان كل واحد من الأمر والنهي يقع تحت الحس ، ما في ذلك ريب ، نسمعه من الراوي ، ونقرأه في كتاب الله والسنّة النبوية ، وله أبلغ الأثر في حياتنا اليومية بعثا على فعل كالصلاة ، أو زجرا عنه كالغصب. وأيضا نحن نشاهد بالعيان الحركة الخاصة في مكان الغصب ، ونراها واحدة بكل ما في الوحدة من معنى ، ونسميها صلاة لأن الفاعل قصد بها امتثال أمرها ، وأيضا نسميها غصبا لأن الشارع نهى عن الكون في مكان الغصب.
وهذا النهي وذاك القصد لم يغيرا شيئا من واقع الحركة ، ولا أضافا اليها جديدا تماما كحديثي هذا عن اجتماع الأمر والنهي فإنه هو هو سواء أمرت به أم نهيت عنه ، قصدت بيان الحق أم التلاعب بالألفاظ .. أما ماهية الصلاة وماهية الغصب ـ كما يعبرون ـ فأين مكانهما؟ فإن كانتا في عالم الغيب والكتمان فلا تكليف بهما سلبا ولا إيجابا ، وان كانتا في عالم الشهادة كررنا السؤال : أين هما؟ وطريف قول من قال : ان التركيب بين الصلاة والغصب انضمامي لا اتحادي! ولا أدري ما ذا أراد بهذا التركيب؟ ومن الذي ركّبه؟ وأين حدث؟ فإن كان في الحركة الخارجية فهي واحدة ، وان كان في الذهن والتصور فالكلام في عالم الأفعال لا في دنيا الخيال.
وبعد ، فلا مبرر للقول بجواز اجتماع الأمر والنهي إلا على هذا الأساس : من تصور الصلاة فقد انقاد واتقى ، ومن تصور الغصب فقد تمرد وعصى ، ومن تصورهما معا فقد خلط عملا صالحا وآخر سيئا ، وهو كما ترى لا أحد يقول بهذه الجهالة والضلالة. وحاشا أقطاب الدين والعلم.
ثمرة الخلاف
قيل : ان ثمرة الخلاف في اجتماع الأمر والنهي هي صحة الصلاة في مكان الغصب حتى مع العلم به ، بناء على القول بجواز الاجتماع للأمر بها. وفسادها