الجواب :
أيضا لا مجال للنزاع هنا في الحكم الشرعي بعد التسليم بأن كل ما حكم به العقل يحكم به الشرع. وعن بعض الأفاضل : انه لا مبرر إطلاقا لحكم الشارع بمقدمة الواجب ، لأن الأمر بالمطلوب الذاتي يخلق في نفس المكلف الباعث على فعله وفعل مقدماته ، وانه لا بد أن يأتي بها حين يريد الاتيان بواجبها ، وعليه يكون الأمر بالمقدمات لغوا وتحصلا للحاصل. ويعزز هذا ما قلناه من ان الخلاف في وجوب ما لا يتم الواجب إلا به أشبه بالخلاف في ان الواجب هل يجب فعله أو لا؟.
واذا كان الخلاف في وجوب المقدمة أشبه بالخلاف في وجوب فعل ما يجب فعله ـ فلا يبقى للحديث عن الثمرة من موضوع ، لأن الفرع يسقط بسقوط الأصل. ونقل الشيخ الأنصاري وصاحب (الكفاية) والنائيني وغيرهم من الأقطاب نقلوا الأقوال في ثمرة النزاع ، وأبطلوها بالكامل. ومن جملة ما قاله الشيخ الأنصاري : «وكيف كان فإن أهم الثمرات المزعومة هنا أيضا لا ترجع الى حاصل ، ولا تعود الى طائل». وقال النائيني في (تقريرات) الشيخ الخراساني ص ١٧٢ طبعة ١٣٦٨ ه : «لا يترتب على البحث في مقدمة الواجب ثمرة عملية أصلا ، بل كان البحث علميا صرفا» أي علما بلا عمل!.
الأصل في وجوب المقدمة
وتسأل : لنفترض ان وجوب المقدمة ليس بهذه المكانة من الوضوح وشككنا فيه ـ فهل الأصل يقضي بوجوبها؟.
الجواب :
كلا ، أما أصل البراءة فإنه يجري فيما يحتمل العقاب على تركه ، ووجوب المقدمة ـ عند الأكثر ـ لا يستدعي العقاب ، وإذن فلا مبرر لهذا الأصل. أما الاستصحاب فقيل : انه يجري هنا حيث كنا نعلم يقينا بعدم وجوب المقدمة قبل الأمر بواجبها ، وبعدها نشك فنستصحب بقاء ما كان كما كان. ونجيب أولا : لا أثر شرعي هنا يصحح الاستصحاب لعدم العقاب على ترك المقدمة.
ثانيا : إن العقل إما أن يحكم بالملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب واجبها ،