التقسيم أثرا فيما لدى من أصول السنة وبعض كتب الشيعة ، ومنها تقريرات النائيني. والذين اخترعوا ذلك لم يبنوه على أساس متين ، وقاعدة واضحة ، كما هو الشأن في سائر أقسام الواجب.
فبعض العبارات يفهم منها ان التقسيم جرى على أساس اللفظ والدلالة كعبارة القوانين ، وهذه هي بالنص : «ينقسم الواجب باعتبار تعلق الخطاب به بالاصالة وعدمه الى أصلي وتبعي» ومثلها عبارة الحاشية الكبرى على المعالم ، وهي «الواجب الأصلي ما تعلق به الخطاب أصالة ، والواجب التبعي ما يكون وجوبه لازما للخطاب».
وبعض العبارات صريحة بأن التقسيم على أساس الإرادة. قال الشيخ الأنصاري في التقريرات : «ان كان الواجب مستقلا بالارادة فهو واجب أصلي وإلا فتبعي وهو ما لا تتعلق به إرادة مستقلة». وقال صاحب الكفاية : «ان نظرنا الى مرتبة الامكان والثبوت جرى التقسيم على أساس الارادة ، أي ان المراد المستقل واجب أصلي ، والمراد بالتبع تبعي ، وان نظرنا الى مرتبة الابراز والاثبات جرى التقسيم على أساس الدلالة ، فالمقصود بالخطاب والافادة أصلي ، وغير المقصود بالخطاب تبعي.
وفي جميع الأحوال لا جدوى وراء هذا النزاع وهذه الأقوال.
الخلاف والثمرة
اختلفوا في أن ما لا يتم الواجب إلا به من أفعال المكلفين ـ هل هو واجب أم لا؟ وبعضهم أنهى الأقوال في ذلك الى عشرة! وفي رأينا أن هذا الخلاف بجوهره يرجع الى الخلاف في أن الواجب هل يجب فعله أو لا؟
ورب قائل : أجل ، لا ريب في حكم العقل بالملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدماته ، وان هذه الملازمة من المسلمات الأولية ، وإنما الخلاف في الحكم الشرعي. كما جاء في القوانين ، وهذا نصه «الوجوب المتنازع فيه هو الوجوب الشرعي لأن الوجوب العقلي لا يرتاب فيه ذو مسكة .. وبالجملة النزاع في ان الخطاب بالكون على السطح هل هو تكليف واحد ، أو تكاليف بأمور أحدها الكون على السطح ، والباقي بمقدماته».