قائمة الکتاب
إعدادات
علم أصول الفقه في ثوب الجديد
علم أصول الفقه في ثوب الجديد
تحمیل
واجبها ، لأن الغرض من وجوبها هو التوصل بها اليه ، ومع الاصرار على تركه فلا داعي لوجوبها. وبكلمة : لما ذا نصب السلّم اذا لم ترد الكون على السطح؟ وهذا القول يحمل في طياته الرد عليه ، لأن معناه ان التكاليف الشرعية تناط بإرادة المكلف ، وعندئذ يسوغ لقائل أن يقول : وعلى الاسلام السلام!.
أما الباعث الأول على هذه الدعوى الغريبة فهو تصحيح العبادة اذا كان تركها مقدمة لواجب أهم ، مثال ذلك أن يضيق وقت الصلاة ولا يبقى منه إلا بمقدار فعلها فقط ، وصادف في هذا الوقت الضيق ان من يريد الصلاة فيه رأى غريقا يقدر على غوثه وخلاصه. وعندئذ يجب عليه ترك الصلاة كمقدمة ـ في رأيه ـ لاستنقاذ الغريق لأنه أهم وأعظم ، وعليه يكون فعل الصلاة في هذا الوقت محرما ، وتركها واجبا ، فإذا قدّم الصلاة على غوث الغريق تكون باطلة لأنها محرمة وغير مقبولة إذ لا يطاع الله من حيث يعصى ، هذا اذا كان قاصدا خلاص الغريق بعد الصلاة ، أما اذا كان منصرفا عنه منذ البداية فلا يكون ترك الصلاة واجبا لأنه ليس بمقدمة في هذه الحال ، وبالتالي فلا يكون الإتيان بالصلاة محرما ويصح التقرب بها الى الله. وندع الكلام عن ذلك الى الفصل التالي «مسألة الترتب» فإلى هناك.
وقال آخر : لا بد في المقدمة من قصد التوصل بها الى واجبها كقيد لوجوده لا كشرط لوجوب المقدمة نفسها! ونسب هذا القول الى الشيخ الانصاري في التقريرات ، وأنكر الأقطاب هذه النسبة الى الشيخ الكبير لأن مثلها لا ينسب الى مثله ، كيف؟ ووجوب الواجب إنما يتوقف على مجرد وجود المقدمة ـ غير الطهارات الثلاث ـ سواء أقصد بها التوصل الى واجبها أم لم يقصد ، بل يوجد الواجب النفسي حتى ولو قصد عدم التوصل بمقدمته كما هو الشأن في الساتر حين الصلاة ، فكل المصلين يلبسونه بدافع آخر غير التوصل الى صحة الصلاة ومع هذا تصح بلا ريب.
وربما كان السبب الموجب لهذا القول أن عنوان المقدمة لا يتحقق إلا بهذا القصد ، ويرده بأن عنوان المقدمة يتوقف على إمكان التوصل بها لا على قصده.
الأصلي والتبعي
قال بعض الأصوليين : ينقسم الواجب أيضا الى أصلي وتبعي. ولم أجد لهذا