الاستنتاج
إن دراسة هذه الأمور الثلاثة الرئيسية مع خصائصها وظواهرها ومؤشراتها ، سوف ينتهي بنا إلى هذا التصور ـ الذي ذكرناه ـ في تفسير ظاهرة الأئمة الاثني عشر ، وهو أن مدة إمامة هؤلاء الأئمة بحسب تقدير الحكمة والعدل الإلهي في هداية الناس ، تمثل دورة زمنية مناسبة لإعداد الأمة وتأهيلها للقيام بهذا الواجب الإلهي ، وهو الخلافة لله تعالى في الأرض كأمة وجماعة ، وتكون بذلك مصداقا لقوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ...) (١) ، ولقوله تعالى : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (٢) ، وبذلك يعم العدل ويقوم القسط بين الناس ويحكم الحق فيهم ويتحقق الوعد الإلهي لهم (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ...) (٣).
إن هذه الدراسة سوف توضح أن زخم الهدى والصلاح الذي تركه رسول الله في أصحابه لو استمر بالطريقة التي شرعها الله تعالى ، وبلغها رسول الله لأمته وبذل كل جهده لإقامة الحجة عليها ، بحيث تحفظ فيها موازنة حركة الهداية مع حركة السلطة ، كان كفيلا بتحقيق هذا الهدف الكبير في هذه المدة الزمنية ، هذا الزخم الذي رأينا أثره وفعله وتأثيره في العالم المحيط بالمسلمين ـ بالرغم من الانحراف الذي تعرّضت له في المسيرة في أهم موقع لها ـ بحيث تداعت أركان
__________________
(١) آل عمران : ١١٠.
(٢) الحج : ٤١.
(٣) النور : ٥٥.