وهذا التطبيق الكامل هو الذي نعبر عنه في ثقافتنا وثقافة المسلمين بصورة عامة بقيام دولة الحق في زمان يخرج فيه الإمام المهدي عليهالسلام فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
ويؤكد ذلك فكرة (الرجعة) التي أشرنا إليها سابقا ، حيث يفهم من بعض النصوص أنه عند ما تكتمل الدورة الإنسانية لإعداد الجماعة البشرية ، ويتحقق هذا الهدف العظيم الذي جاءت به الرسالات الإلهية ، تبدأ البشرية بدورة جديدة يتجسد فيها حضور الأنبياء والأوصياء والأولياء والأئمة كلهم ، ليمارسوا دورهم الطبيعي في الحياة الإنسانية بصورة كاملة ، وفي مجتمع إنساني متكامل ، ويشهد فيه الكافرون والمنافقون النصر الإلهي الذي حققه الله تعالى لأنبيائه وأوليائه ، قال تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (١).
دراسة حركة الرسالة
الثالث : القيام بدراسة تاريخية لحركة الرسالة الإسلامية ، منذ زمن النبي صلىاللهعليهوآله والخلفاء الراشدين والخلافة الأموية والعباسية وحتى نهاية هذه المدة المفترضة (٣٥٠ ـ ٤٠٠) عاما ، ومتابعة (المؤشرات) الإيجابية والسلبية في هذه المدة التاريخية ذات العلاقة بهذا الهدف الرباني ، وهو تطبيق الحق والعدل بصورة كاملة ، بحيث تصبح الأمة رشيدة في هذا التطبيق ومؤهلة لهذه الخلافة الإلهية ، حيث يتبين من هذه الدراسة أن هذه المدة المفترضة كانت كافية للوصول بالأمة إلى هذه الدرجة العالية من الرشد والإعداد والتهيؤ لتحمل هذه المسئولية العظمى ، لو كانت الأمور جرت على ما أمر الله به ، من استلام الأئمة الاثني عشر للإمامة خارجيا
__________________
(١) غافر : ٥١.