لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) (١).
وقضية النقباء الاثني عشر ـ أيضا ـ هذه قد تكون المثال لما يجري في الأمة الإسلامية الخاتمة ، حيث أشرت في حديث سابق إلى ما ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآله من تطابق الأحداث في الأمة الإسلامية بما يجري في الأمم السابقة حذو النعل بالنعل ، كما جاء في تعبير بعض النصوص ، أو القذة بالقذة كما جاء في بعض آخر منها ، وهي نصوص متواترة يرويها جميع المسلمين بهذا المضمون.
وقد تكون ظاهرة الاثني عشر إماما متطابقة مع تلك الظاهرة التي شهدتها أمة بني إسرائيل التي هي ـ أيضا ـ من الأمم المصطفاة والمنتخبة والتي فضّلها الله سبحانه وتعالى في بعض أدوار التاريخ ، وجعل منهم أنبياء وملوكا ، وخصهم ـ أيضا ـ بهذه الظاهرة الاثني عشرية ـ إذا صح التعبير ـ في خصوصية بني إسرائيل ، وهي نكتة أخرى يمكن أن تؤكد الجانب الغيبي ، أو تضيف إليه بعدا آخر.
وكذلك يؤكد هذه الظاهرة في بعدها الغيبي ما ورد في شأن انتخاب رسول الله صلىاللهعليهوآله للنقباء الاثني عشر من الأنصار في بيعة العقبة ، من قوله صلىاللهعليهوآله ـ على ما رواه ابن إسحاق وابن سعد ـ : «أخرجوا إليّ اثني عشر منكم يكونوا كفلاء على قومهم كما كفلت الحواريون بعيسى بن مريم ، ولا يجدن أحدكم في نفسه أن يؤخذ غيره فإنما يختار لي جبريل» (٢).
وبذلك يشير هذا الحديث إلى خصوصيتين :
إحداهما : ذات علاقة بالعدد المذكور من تاريخ الأنبياء ، وهو عدد الحواريين
__________________
(١) المائدة : ١٢.
(٢) كنز العمال ١ : ١٠٣ / ٤٦٥.