الأنبياء أولي العزم كانوا خمسة ، وقد يطرح هذا السؤال : لما ذا لم يكونوا ستة أو سبعة أو عشرة ، أي لما ذا كان اختصاص النبوة بهذه الدرجة العالية خاصة بهذا العدد المعيّن من الأنبياء ، فنحن نعرف من خلال حركة النبوات أن الأنبياء أولي العزم الذين أشار إليهم القرآن الكريم هم خمسة (نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ونبينا محمد صلىاللهعليهوآله) ، قال تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (١). ونرى أن هذه ظاهرة في النبوات أشار إليها القرآن الكريم ، قد لا نعرف لها تفسيرا محدودا إلا التفسير الغيبي في رؤية حركة التاريخ الرسالي.
وهكذا نلاحظ ذلك في الكثير من الظواهر التي نراها في الإسلام من قبيل اختصاص العبادات بهذه العبادات الخاصة ، ولم تكن هناك عبادات أخرى ، واختصاص الصلوات اليومية الواجبة بالصلوات الخمس ، واختصاص هذه الصلوات الخمس بالركعات السبعة عشر ، إلى غير ذلك مما نراه من اختصاصات في الأعداد ، الذي يمكن أن يكون له تأثير في حياة الإنسان الدنيوية والأخروية ، ولكنه تأثير في الغيب غير المنظور والمعروف لنا بصورة كاملة ، كما أن ظاهرة وجود الأعداد المعيّنة الخاصة في الاصطفاء ليست ظاهرة مختصة بهذه القضية وفي هذه الأمة حتى يقال : إن هذه ظاهرة غريبة ، وإنّما توجد ظواهر أخرى مماثلة لها في الأمم السابقة.
ومن هذه الظواهر التي تقرب هذا المعنى ظاهرة النقباء الاثني عشر في بني إسرائيل ، والذين يشير إليهم القرآن الكريم في عدة مواضع ، منها قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ
__________________
(١) الأحزاب : ٧.