وفي الجملة نلاحظ في الكثير من معالم الشريعة الإسلامية وجود هذا الاتجاه في تحكيم أواصر العشيرة والأسرة والقبيلة ، لا على تفكيكها وإضعافها.
وهذا التحكيم ـ كما ذكرت ـ إنما يكون صحيحا في إطار الشيء الأعظم والأهم من العلاقة ، وهو حب الله سبحانه وتعالى ، والولاء لله تعالى والارتباط به ولا يكون خارجا على ذلك ، وفي داخل هذا الإطار العام ، كما أكد عليه قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) (١).
وبهذا نرى أن الإسلام عند ما أراد بناء المجتمع وضع أحد الأسس التي تحكم هذا البناء الاجتماعي وتجعله أكثر ترابطا وهو إحكام هذه العلاقات الأسرية بين هؤلاء الناس ، وحاول في الوقت نفسه أن يعالج خطر تحول العشيرة إلى صنم يعبد من دون الله بأسلوبين :
أحدهما : تأكيد أن يكون هذا الولاء ضمن إطار الولاء لله تعالى.
والآخر : هو كسر الحواجز الاجتماعية والنفسية التي قد تنمو بين الشعوب والقبائل من خلال الحث على التعارف بينها والزواج والاتصال والمساواة في القيمة الإنسانية.
وهذا الأمر في الواقع يمكن أن يذكر كأحد العناصر المهمة في تفسير هذه الظاهرة الاجتماعية ، ولذلك نرى المجتمع ينظر إلى ابن الأسرة وإلى ابن البيت الذي يكون قريبا من صاحب البيت ، ينظر له ويتفاعل معه نظرة تختلف عن نظرته إلى الأجنبي عن ذلك البيت ، وهذه الحقيقة من الحقائق القائمة اجتماعيا.
__________________
(١) التوبة : ٢٤.