هذا الاتجاه قضية وقف الذرية ، فإن الوقف على أقسام ـ كما يعرف الأفاضل الدارسون للفقه ـ وأحد أقسام الوقف هو الوقف الذي يوضع لخصوص الذرية ، أي يتسلسل في الورثة ويتحول في طبقات الورثة حسب شرط الواقف ، أو يشركهم فيه بكل طبقاتهم ومراتبهم ، فإن هذا الحكم يؤشر على أن الإسلام يتجه إلى تحكيم أواصر العشيرة والأسرة الواحدة.
الإسلام والعلاقات العشائرية
وكذلك المفاهيم الواسعة التي طرحها القرآن الكريم في تفسير المفردات الاجتماعية وطبيعة علاقاتها ، من تقسيم الإنسان إلى شعوب وقبائل ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (١) ، فإنّ النّاس وإن كانوا قد خلقوا من ذكر وأنثى ، ولكنهم قد قسموا إلى شعوب وقبائل ، لتقوم علاقات التعارف والتعاون بينهم ، فهو تقسيم معترف به إسلاميا.
وهكذا عند ما يتحدث القرآن الكريم عن موضوع (الولاء) ، حيث يشير ـ أيضا ـ إلى أن قضية الولاء في داخل العشيرة أمر طبيعي مثل ولاء الآباء والأبناء والإخوان ، فهو ولاء مقبول ، ولكنه يجب أن يكون في إطار ولاء الله تعالى ، ولا يصح أن يخرج عن حالة الولاء لله تعالى ، أو أن يكون في مقابل الولاء لله تعالى.
وأعطى القرآن الكريم عناوين عديدة لذلك في التأكيد على هذا النوع من الولاء في آيات عديدة : (... وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ...) (٢) ، وكذلك التأكيد عليه في مجال الإنفاق على ذوي القربى ـ كالتأكيد على الإنفاق على المساكين والمحتاجين ـ كمورد من موارد الإنفاق.
__________________
(١) الحجرات : ١٣.
(٢) الأنفال : ٧٥.