طبعا ، العنصر الغيبي في الاصطفاء والإعداد ـ كما ذكرنا ـ قائم في نفسه مع العناصر الأخرى ، ولكن من هذه الزاوية وهذا الجانب نرى ـ أيضا ـ هذه الحقيقة قائمة.
مضافا إلى ذلك ما تشير إليه النصوص التاريخية وتؤكده روايات بعض الأشخاص ـ حتى ممن لم يكن يميل إلى عليّ عليهالسلام من الناحية الروحية والنفسية ـ من إعداد رسول الله صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام علميا ومعنويا ، فيما كان يساره في ليله ونهاره ، لأن عليّا عليهالسلام كان قريبا من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، بحيث كان يأخذ منه العلم والأخلاق في كل مناسبة ، بل في كل وقت. والكلمة معروفة عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وعن عليّ عليهالسلام بهذا الشأن.
أما عن النبي ، فهي عند ما قال : «أنا مدينة العلم وعلي بابها» (١).
وأما عن عليّ عليهالسلام ، فهي عند ما قال : «علمني رسول الله صلىاللهعليهوآله ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب» (٢).
هذه الحقيقة إذا أردنا أن ننظر إليها من الناحية التاريخية والمادية نراها كانت قائمة من خلال هذا الاقتراب في دائرة عليّ عليهالسلام من النبي صلىاللهعليهوآله ، حيث تربى في حضن رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو ابن عمه وزوج ابنته ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يدخل إلى
__________________
(١) بحار الأنوار ٢٨ : ١٩٩ / ٦ ، وجاء في المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٢٦ ، عن ابن عباس ما لفظه : قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأت الباب». قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد. وكذلك جاء في كنز العمال ١١ : ٦٠٠ / ٣٢٨٩٠ ، و ٦١٤ / ٣٢٩٧٨ ، و ٣٢٩٧٩ ، و ١٣ : ١٤٧ / ٣٦٤٦٣.
(٢) بحار الأنوار ٢٦ : ٢٩ / ٣٣ و ٣٦ و ٣٧. وفي التفسير الكبير للفخر الرازي في ذيل تفسير قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً ...) ، (آل عمران : ٣٣) ، قال علي عليهالسلام : «علمني رسول الله صلىاللهعليهوآله ألف باب من العلم واستنبطت من كل باب ألف باب» ، قال : فإذا كان حال المولى هكذا فكيف حال النبي صلىاللهعليهوآله. وكذلك جاء الحديث في كنز العمال ١٣ : ١١٤ / ٣٦٣٧٢.