وهذه الظاهرة لم تتفق في أوصياء النبي محمد صلىاللهعليهوآله فحسب ، وإنّما هي ظاهرة تاريخية اتفقت في أوصياء عدد كبير من الرسل ويشير الشهيد الصدر قدسسره كشاهد على هذه الحقيقة إلى الآيات القرآنية ، كقوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ ...) (١) ، وكذلك قوله تعالى في الآيات السابقة ٨٣ ـ ٨٧ من سورة الأنعام.
إذن ، فهذه ظاهرة تاريخية ، ومن ثم فقد طبقت ـ أيضا ـ على رسالة النبي صلىاللهعليهوآله ، باعتبار أن الرسالة الخاتمة وإن كانت هي رسالة كاملة وبكمالها تتميز على الرسالات السابقة ، ولكن هذه الرسالة الخاتمة هي في الحقيقة امتداد لتلك الرسالات الإلهية ، والنبي صلىاللهعليهوآله جاء من أجل أن يصدّق تلك الرسالات ، ثم يهيمن عليها.
وقد ورد في أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآله ما يؤكد ذلك ، وأن ما تشهده هذه الرسالة الخاتمة يتطابق تماما مع ما شهدته الرسالات السابقة حتى جاء التعبير في مقام التطبيق الكامل قوله صلىاللهعليهوآله : «لتركبن سنّة من كانت قبلكم حذو النعل بالنعل ...» (٢).
إذن ، فإذا كانت هذه الظاهرة هي ظاهرة تاريخية في الرسالات الإلهية ، وهو أن تكون الوصاية في أقرباء النبي القائد ، فلما ذا تختلف الرسالة الإسلامية ـ بعد فرض ضرورة الإمامة واستمرارها ـ عن هذه الظاهرة التاريخية التي هي موجودة في كل الرسالات الإلهية؟!
__________________
(١) الحديد : ٢٦.
(٢) بحار الأنوار ٢٨ : ٨ / ١١ ، عن تفسير القمي ، وجاء هذا الحديث في كتب الفرقين إما بلفظه أو بمضمونه ، مثل مجمع البيان ٥ : ٤٩ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٥٧٦ ، صحيح البخاري : ٣ / ٣٢٦٩ ، ٤ / ٦٨٨٨ و ٦٨٨٩ ، صحيح مسلم ٤ : ١٦٣١ / ٢٦٦٩ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٣٢١ ، باب ١٧ ، من كتاب الفتن ... الخ.