ذرية بعضها من بعض ، يعني حركة تاريخية تتحرك فى التاريخ الإنساني ، يمكن أن نسميها حركة الاصطفاء ، وكذلك قد تكون حركة في الأسرة أو في الجماعة والأمة.
إذن ، فلما ذا لا يمكن أن نفترض وجود هذه الحركة وهذا العامل الغيبي في اصطفاء الله تعالى لآل محمد صلىاللهعليهوآله ، وهو ـ أيضا ـ ما يشير إليه القرآن الكريم في مثل قوله تعالى : (... إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (١) ، ويتم تأكيد ذلك ـ أيضا ـ في آية المباهلة وغيرها.
إذن ، فيمكن أن يكون هذا سرّا من الأسرار الإلهية الغيبية التي لها دلالات معروفة ـ كما سوف نشير إلى بعضها ـ ولكن لها ـ أيضا ـ دلالات وآثار في حركة التاريخ وتكامل الإنسان الدنيوي ، لا نعرفها في فهمنا المادي المحدود لحركة التاريخ ، ويكون لها ـ أيضا ـ أبعاد في مستقبل حياة الإنسان الأخروية.
البعد التاريخي
البعد الثاني : البعد التاريخي ، وقد أشار الشهيد الصدر قدسسره ـ في ما كتبه حول خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء ـ إلى هذا البعد التاريخي ، إذ يذكر أننا نلاحظ في تاريخ الأنبياء والرسالات الإلهية أن الله تعالى اختار الأوصياء والقادة ـ كما يعبّر الشهيد الصدر قدسسره ـ من أولئك الأقربين للأنبياء من أقاربهم أو ذرياتهم ، وهذا نص كلامه : (في تاريخ العمل الرباني على الأرض نلاحظ أن الوصاية كانت تعطى غالبا لأشخاص يرتبطون بالرسول القائد ارتباطا نسبيا أو لذريته) (٢).
__________________
(١) الأحزاب : ٣٣.
(٢) الإسلام يقود الحياة : ١٥٦ ، كما في لوط عليهالسلام الذي كان يرتبط بإبراهيم ، أو في يوشع الذي كان يرتبط بموسى ، أو يرتبطون به وبذريته ، كما هو الحال في إسحاق وإسماعيل ويعقوب وذرية يعقوب التي أشرنا إليها.