الإنسان وحركته التكاملية ـ كما ذكرنا ـ ومن ثم فيمكن أن نفترض في أهل البيت عليهمالسلام ـ كما ورد في النصوص والروايات عن النبي صلىاللهعليهوآله وعن أهل البيت عليهمالسلام ـ وجود أسرار غيبية ترتبط بجعل الإمامة بأهل البيت عليهمالسلام ، لها تأثير في حركة الإنسان وتكامل هذه الحركة.
أما الشواهد القرآنية التي تتحدث عن ارتباط الحركة التكاملية للإنسان بالغيب ، فهو ما نلاحظه في مجموعة من المؤشرات :
الأول : ما ذكرناه من أن الله تعالى خصّ الإنسان من دون جميع الكائنات بهذا الوصف الخاص وهو أنه نفخ فيه من روحه.
إذن ، فهذا الإنسان موجود ومخلوق يختلف عن بقية الكائنات التي لم توصف بمثل هذا الوصف ، وترتبط بالله تعالى هذا الربط في جانب الخلقة.
الثاني : ما يشير إليه القرآن الكريم في مجال خلق الإنسان من أن الله تعالى عند ما خلق الإنسان أخذ عليه عهودا ومواثيق في عالم الغيب ، وليس في عالم الشهود والعالم المادي فقط ، كما يبدو ذلك من القرآن الكريم ، قال تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) (١) ، يعني أن الله تعالى انتزع من ظهور هؤلاء الناس ذريات ، ثم بعد ذلك أشهدهم على الحقيقة العظمى في هذا الكون والحياة وهي (الربوبية).
وهذه الشهادة التاريخية ، لا ندركها الآن كأفراد نعيش الحالة المادية ، فلا ندرك ونتذكر هذا الجانب من الشهادة والعهد والميثاق الذي أخذه الله سبحانه وتعالى على بني آدم في ذرياتهم ، وشهدوا واعترفوا بذلك ، وأنه سوف يحاسبهم الله تعالى
__________________
(١) الأعراف : ١٧٢.