العلامة الطباطبائي قدسسره وأستاذنا الشهيد الصدر قدسسره ـ فقد نرى أن التأكيد في القرآن الكريم على نوح وإبراهيم عليهماالسلام ، وجعل النبوة في ذريتهما ، إنما هو إشارة إلى قضية الإمامة واستمرارها في ذرية هذين النبيّين ، ولا سيما أن النبي صلىاللهعليهوآله هو ـ أيضا ـ من ذرية إبراهيم عليهالسلام ، حيث إنه ينتمي إلى إسماعيل عليهالسلام ، وإسماعيل بن إبراهيم عليهماالسلام ونبينا هو دعوة إبراهيم عليهالسلام ، وبذلك تصبح القضية مرتبطة تماما بهذه السلسلة المباركة للأنبياء من ناحية ، وهذه السنّة التي كتبها الله تعالى في الرسالات الإلهية ، وهي سنة التكريم والتشريف لهم ، والنعمة الإلهية عليهم.
حكمة الإمامة في الذرية
النقطة الثالثة : التي يمكن أن يشار إليها بهذا الصدد وهي أن قضية التشخيص في أهل البيت عليهمالسلام ليست مجرد عملية تكريم وتشريف وفضل ونعمة أنعم بها الله تعالى على أنبيائه ، بل أن وراء ذلك أمورا أخرى ، يمكن أن نلاحظها عند ما نريد أن ندرس هذه الظاهرة ، وهي أمور ذات أبعاد : غيبية ، وتاريخية ، ورسالية ، وإنسانية.
وهذه الأبعاد التي يمكن أن نلاحظها من خلال دراستنا للقرآن الكريم ومراجعتنا ومطالعتنا للرسالة الإسلامية قد تفسر النقطتين السابقتين ، ببيان الحكمة في هذا التكريم الإلهي وهذا الاتجاه الفطري في الإنسان الذي تحول إلى سنّة في مسيرة الأنبياء ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
البعد الغيبي أما ما يتعلق بموضوع البعد الغيبي ، فهنا نلاحظ أن الله تعالى خلق الإنسان بصورة وحقيقة ميزه فيها على بقية المخلوقات ، وجاء التعبير عن ذلك بالنفخ فيه من روح الله ، قال تعالى : (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ