شاء الله تعالى أن يقوم ذلك في خصوص تاريخ الرسالة الخاتمة ، دون بقية الرسالات الأخرى.
فنوح عليهالسلام لم يتمكن من تحقيق قيام دولة إسلامية ، ولو بمستوى الإسلام الذي جاء به نوح عليهالسلام.
كما أن إبراهيم عليهالسلام وهو شيخ الأنبياء لم يتمكن أن يقيم هذا الكيان السياسي الإسلامي ، وموسى عليهالسلام شاء الله تعالى أن يقبضه إليه قبل أن يتمكن من إقامة هذا الكيان السياسي الإسلامي ، بعد أن كان قد مهد له بإخراج بني إسرائيل من سلطة فرعون ، وجاء بألواح التوراة ، ليحقق ذلك ، ولكنهم رفضوا الاستمرار في المسيرة ودخول الأرض المقدسة ، لتحقيق هذه المهمة الإلهية الصعبة ، فكتب الله عليهم أن يتيهوا في الأرض أربعين سنة (١).
وكذلك الحال في النبي عيسى عليهالسلام ، حيث رفعه الله قبل أن يحقق هذا الهدف الإسلامي العظيم.
ولم يتمكن الحواريون من أن يقوموا بذلك ـ أيضا ـ فولدت الرهبانية والانعزال ، وانحرفت المسيحية على يد بولس ، عند ما تحولت إلى الحكم والسلطان والقيصرية.
وشاء الله تعالى أن يكون ذلك من امتيازات نبوة محمد صلىاللهعليهوآله.
إذن ، فهذا من الامتيازات الخاصة التي امتازت بها الرسالة الإسلامية (٢).
__________________
(١) وقد أشار إلى ذلك القرآن الكريم في سورة المائدة الآيات ٢١ ـ ٢٦.
(٢) هذا بحث عميق وفيه الكثير من التفاصيل ، وقلت : إنني أشير هنا إلى العناوين الكلية.
ومن هذه التفاصيل تفسير ظاهرة قيام الدول التي أقامها بعض الأنبياء ، كداود وسليمان عليهماالسلام ، وغيرهما من الأنبياء الذين أقاموا دولا ، وأشار القرآن الكريم إلى ذلك ، عند ما يتحدث عن تفضيل ونعم الله على بني إسرائيل بقوله تعالى : (... إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ