أحدهما : البلاغ والإنذار لهؤلاء الناس ليبيّنوا الرسالة بتفاصيلها المطلوبة ، وهذا ما قام به رسول الله صلىاللهعليهوآله في الرسالة الخاتمة ، وقام به الأنبياء السابقون ـ أيضا ـ في الرسالات الأخرى.
ثانيهما : مواجهة ظاهرة الاختلاف في المجتمع الإنساني والعمل على حله ، لأن الله تعالى يقول : (... فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ...) (١).
وتدخل مهمة التزكية والتطهير ومهمة التعليم كنتيجة لهاتين المهمتين الرئيسيتين.
إذن ، قضية الاختلاف هي قضية مهمة جدا يواجهها الأنبياء في عملهم وحركتهم ويتحملون مسئولية حلها.
والاختلاف هنا هو اختلاف في المثل العليا التي يتخذها هؤلاء الناس للعبادة وفهمهم للحياة والكون وحركتهم الاجتماعية ، حيث يتخذ هؤلاء الناس لهم الآلهة المصطنعة ـ والمثل المحدودة ، أو التكرارية (٢) ، والأسماء المزيفة المستلهمة من القوى الموجودة في هذا الكون ، أو الشهوات والأهواء والميول ، أو الطغاة والمستكبرين والمترفين ، أو من تقليد الآباء والأجداد ـ يعبدونها من دون الله.
ولما كان عمر الرسول محدودا ـ عادة ـ لا يستوعب الزمان الكافي لحل هذا النوع من الاختلاف خارجيا ، بحيث يمكّنه من إزاحة جميع العوائق والموانع التي تقوم أمام الرسالة في حركتها الاجتماعية والإنسانية ، تصبح الرسالة بحاجة إلى
__________________
(١) البقرة : ٢١٣.
(٢) اصطلاح استخدمه السيد الشهيد الصدر قدسسره في بحثه حول المجتمع الإنساني من بحوث التفسير الموضوعي ، عند ما طرح فكرة المثل الأعلى في العبادة ، محاضرات التفسير الموضوعي : ١٢٦.