وأما على مستوى المحافظة عليها من التحريف ، فقد شاء الله سبحانه وتعالى أن تختص الرسالة الإسلامية من بين الرسالات الأخرى بضمانات ووسائل الحفظ من الضياع والتحريف المطلق في مضمونها ، وذلك من خلال عدة عناصر أساسية ومهمة ، يأتي في مقدمتها القرآن الكريم ، والمحافظة عليه من التحريف والزيادة والنقصان ، ببركة قيام النبي صلىاللهعليهوآله بتدوينه ، وكذلك وجود العدد الكبير من الصحابة الأفذاذ الصالحين ـ وفي مقدمتهم الإمام علي عليهالسلام ـ الذين تمكنوا من حفظ القرآن في الصدور ، وغير ذلك من الأسباب الغيبية أو المادية (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١) ، ولا شك أن لوجود أهل البيت عليهمالسلام دورا مهما وعنصرا أساسيا ـ أيضا ـ في ذلك (٢).
وهي بذلك لم تعد بحاجة إلى نبوات تابعة كما ذكرنا.
ولكن مع ذلك كله ، تبقى الرسالة الإسلامية الخاتمة بحاجة إلى وجود متابعة لها على مستويات أخرى مهمة ، ومن أجل ذلك كان وجود الإمامة واستمرار الرسالة من خلالها ضرورة لازمة.
ولتوضيح ذلك ، أشير إلى ثلاث نقاط رئيسية ، لا بدّ من الاهتمام بها ومتابعتها وبحثها بدقة :
الإمامة والاختلاف في العبادة
النقطة الأولى : أن الأنبياء عند ما يرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى عباده كانوا يقومون بمهمات ذات بعدين رئيسيين :
__________________
(١) الحجر : ٩ ، عالجنا هذا الموضوع في بحث ثبوت النص القرآني من كتابنا علوم القرآن : ٩٩.
(٢) أشرنا إلى هذا الدور في بحث التفسير عند أهل البيت عليهمالسلام الذي نشر جانب منه في كتابنا علوم القرآن : ٣٠٧.