إلى أنبياء تابعين يبلغون الرسالة ، ولذا انقطعت النبوة في الرسالة الإسلامية (١).
وأما لما ذا كان هذا الاستمرار من خلال خط الإمامة في الرسالة الخاتمة دون النبوة؟
فقد أشرنا في حديثنا إلى أن الحاجة في الرسالة الخاتمة إلى الاستمرار والبقاء ـ بسبب أهميتها وجلالتها وسموها وامتيازاتها على الرسالات السابقة ـ أكثر من الحاجة بالنسبة إلى الرسالات السابقة ، لأنها الرسالة الأهم والأعظم ، فكيف لا تحتاج إلى من يتابعها ، مع أن الرسالات الأقل احتاجت إلى مثل هذه المتابعة؟!
ولكن هذه المتابعة ليست على مستوى مواصلة إبلاغ الرسالة ، أو المحافظة عليها من التحريف ، والسبب في ذلك :
أما على مستوى إبلاغ الرسالة ، فإنّ الرسالة قد أصبحت من حيث مضمونها ومحتواها الرسالي رسالة خاتمة وكاملة ، ولا تحتاج عندئذ إلى متابعة على مستوى (الأنبياء) لبيان أصل الرسالة وتثبت الأصول لها ، لأن النبي صلىاللهعليهوآله أكملها في بلاغها وعرضها على الناس ، وقد صرح القرآن الكريم بذلك : (... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ...) (٢).
إذن ، فالرسالة الخاتمة من هذه الناحية لا تحتاج إلى إكمال ومتابعة على مستوى البلاغ والتبشير والإنذار الذي يتحمله الأنبياء التابعون عادة ، لمعالجة الانحرافات وتثبيت الأصول والأسس ، نعم قد تحتاج إلى إكمال بيان بعض التفاصيل ، ولكن ذلك وحده لا يفسر الحاجة إلى (الإمامة) ودورها الكبير في النظرية الإسلامية.
__________________
(١) عالجنا هذا الموضوع في بحثنا حول خصائص الرسالة الإسلامية (العالمية ، الخاتمية ، الخلود) ، ولمزيد من التوضيح يمكن مراجعة البحث المذكور.
(٢) المائدة : ٣.