آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ* وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) (١) ، حيث إنّ الله تعالى في هذه الآيات الكريمة ضرب مثلا للذين كفروا في امرأتين ، وضرب مثلا للذين آمنوا ـ أيضا ـ في امرأتين ، وهو مثل لجميع الكفار ولجميع المؤمنين ، ومن ثم فقد يكون المراد من ذلك الإشارة إلى هذه الحقيقة.
لأن المرأة موجود أريد له أن يكمّل الوجود الإنساني من الناحية الاجتماعية العامة ، وفي حركة تكامل المجتمع والوصول بهذا المجتمع إلى الدرجات العليا المطلوبة لا بدّ أن يكون ـ أيضا ـ للمرأة دور خاص في التكامل الفردي ، ومن أجل تجسيد هذه الحقيقة في الحياة الإنسانية بهذا البعد على مستوى موقع الإمامة كان هذا الاصطفاء والكمال في فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، حيث إنّ موقع الإمامة هو أهم موقع في الهرم الاجتماعي ، وأريد أن يعطى دور للمرأة في هذا الإكمال ، إكمال موقع الإمامة في الرسالة الخاتمة (٢) ، فكان هذا الموقع والدور هو لفاطمة الزهراء عليهاالسلام بخصوصياتها وأبعادها ، وهو أمر قد يلقي بظلاله الوارفة في تفسير موقفها في الدفاع عن الإمامة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
__________________
(١) التحريم : ١٠ ـ ١٢.
(٢) يلاحظ في القرآن الكريم ـ كما أشرت في الآية السابقة ـ وفي الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله من قوله : «خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم (زوجة فرعون) ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد» ، مجمع الزوائد ٩ : ٢٢٣.
أنّ هذا التكامل كان مجسدا في بعض الأدوار السابقة ببعض مستوياته ، ولكنه اتخذ أعلى المستويات في الرسالة الخاتمة ، لأنّ امتدادها وبقاءها عن طريق الإمامة.
وللتفصيل في هذا الحديث وشواهده مجال آخر.