يتخذه نبيا ، وإن
الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا ، وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا ،
وإن الله اتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما ، فلما جمع له الأشياء قال : (... إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً
...) ، قال عليهالسلام : فمن عظمها في عين إبراهيم قال : (... وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ
عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ، قال عليهالسلام : لا يكون السفيه إمام التقيّ» .
وعند ما تكون
الإمامة أعلى درجة من النبوة ، فلا بد أن تجتمع فيها أبعاد النبوة ومسئولياتها
بأعلى درجاتها ، بل يمكن أن نقول بأن الإمامة تمثل تطورا وسموا في حركة النبوة ،
يتناسب مع تطور الإنسان في إدراكه وفهمه للحياة والمشاكل التي تواجهه في هذا الفهم
، وتطور المجتمع الإنساني في علاقاته ومشاكله الحياتية ، بحيث يتحول دور النبي
فيها من دور الإخبار وبيان الحقائق وحمل الرسالة الإلهية إلى الناس وإبلاغها لهم ،
إلى دور أعظم وهو : دور التجسيد العملي الاجتماعي لهذه الرسالات ، بحيث يصبح هاديا
لهم من خلال ذلك أيضا ، ودور التزكية والتطهير والتعليم وإقامة الحق والعدل بين
الناس ، وحل مشاكلهم والحكم في ما يختلفون فيه.
الخامس
: أنّ هذه الإمامة
هي إمامة عالمية وللناس جميعا ، وليست خاصة بالقوم والجماعة أو المنطقة والإقليم ،
بل هي للناس (... إِنِّي جاعِلُكَ
لِلنَّاسِ إِماماً ...).
وهذا جانب آخر من
تطور النبوة في مساحة عملها وحركتها الخارجية ، وليس في آفاقها النظرية ، إذ يمكن
أن نفترض أنّ النظرية كانت عامة ، ولكن لم تأخذ طريقها إلى الواقع من خلال حركة
النبوة الخارجية.
وهذا البعد يلقي
بظلاله على محتوى ومفهوم هذه الإمامة ، بحيث تكون قادرة على الوفاء بجميع هذه
الحاجات الإنسانية.
__________________