الإسلام) فنحن فيه فهل من وراء ذلك الخير شر؟ (أي هل وراء هذا الخير الذي جاء به الإسلام شر كذاك الشر الّذي كنا فيه) قال : «نعم». قلت : وراء ذلك الخير شر؟ قال : «نعم». قلت : كيف؟ قال : «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنّون بسنّتي ، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس ...» (١). وهذه الرواية من الروايات الصحيحة التي تفسر الكثير من الروايات السابقة التي أشرنا إليها (٢).
__________________
(١) التاج الجامع للأصول ٣ : ٤٥ ، عن البخاري ومسلم وأبي داود.
(٢) يلاحظ في هذه الرواية استخدام كلمة أئمة ، ولكن هذه الكلمة (أئمة) تختفي بعد ذلك من الروايات الأخرى ، وتستخدم كلمة (خليفة) ، ثم كلمة (خليفة) تمسح من بعض الروايات الأخرى وتستخدم كلمة (أمير) ، ثم كلمة (أمير) تمسح من بعض الروايات الأخرى فتستخدم كلمة (سلطان) ، وهذا يدل على حالة تطور في وضع التحريف والتزوير ، حيث يمكن أن نفترض في البداية أنّ الشيء الذي كان مطروحا من قبل النبي صلىاللهعليهوآله وفي رواياته ـ كما هو مطروح في القرآن الكريم ـ هو عنوان (الإمامة) ، حيث ورد هذا العنوان في عدة آيات كريمة ، لإفادة المسئولية العظمى التي تتجسد بمرحلة التكامل ، بحيث يصبح الإنسان قدوة يهتدى به ، ومنها الآية التي تحدثت عن إبراهيم عليهالسلام وجعله إماما : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ، البقرة : ١٢٤ ، وغير ذلك من الآيات الكريمة التي تتحدث عن عنوان الإمامة.
وبعد ذلك طرح عنوان الخليفة ، ثم نسخ عنوان الخليفة ، حيث كان يلقب به أبو بكر في البداية بخليفة رسول الله ، ولا يوجد عنوان آخر له ، لا عنوان إمام ولا عنوان أمير ولا عنوان سلطان ، وإنّما يقال : (خليفة رسول الله) ، ثم نسخ هذا العنوان فبدل بعنوان (أمير المؤمنين) ، ثم أصبح هذا العنوان هو العنوان الذي يطلق على الخلفاء ، ثم بعد ذلك في العهود المتأخرة عند ما تمزقت الخلافة وتوزعت ، وأصبحت ظاهرة السلاطين هي الظاهرة العامة ، أصبح عنوان السلطان هو العنوان الذي طغى على هذه الروايات.
فمن المحتمل أنّ الروايات التي أشرنا إليها في البداية «السلطان ظل الله» ، حرفت متأخرة ، وقد تكون في البداية عنوانها هو «الإمام ظل الله» ، أو «الخليفة ظل الله» ، وبعد ذلك بدّل عنوان الإمام بالسلطان وهكذا ، فهذه طريقة تبديل وتحريف تعرضت لها بعض الروايات ،