فإن من الواضح من سياق هذه الرواية تطبيق السنة السابقة على هذه الأمة.
وفي رواية أخرى عن ابن مسعود عن النبي صلىاللهعليهوآله : «إنّ الله لم يبعث نبيا إلا وله حواريون فيمكث بين أظهرهم ما شاء الله يعمل فيهم بكتاب الله وسنة نبيه ، فإذا انقرضوا كان من بعدهم أمراء يركبون رءوس المنابر يقولون ما تعرفون ويعملون ما تنكرون ، فإذا رأيتم أولئك فحقّ على كل مؤمن أن يجاهدهم بيده ، فإنّ لم يستطع فبلسانه ، فإنّ لم يستطع بلسانه فبقلبه ليس وراء ذلك إسلام» (١).
وهذه الرواية كسابقتها ، تشير إلى السنة العامة ، ثمّ تطبق هذه السنة على هذه الأمة ، وتؤكد على تطابق ما يجري في أمتنا مع ما جرى في الأمم السابقة ، فيثبت ضرورة وجود الخلافة للنبوة الخاتمة.
الوجه الثالث : الروايات التي تدل على تحقق الاختلاف بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله على (العبادة) ، وأنّ هذا الاختلاف أمر حتمي ، وهي عديدة :
١ ـ ما رواه أبو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : «افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة ، وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة ، وتفرقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقة».
وزاد في رواية : «ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة».
وزاد أبو داود في رواية : «وإنه سيخرج في أمتي أقوام تجاري بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق إلا دخله» (٢).
٢ ـ ما رواه حذيفة بن اليمان ـ وهذه الرواية أوضح رواية مروية في صحاحهم ـ : قلت : يا رسول الله إنا كنا بشرّ (أي في الجاهلية) فجاء الله بخير (وهو
__________________
(١) كنز العمال ٦ : ٧٣ / ١٤٨٩٦.
(٢) التاج الجامع للأصول ١ : ٤٧ ، عن أبي داود والترمذي.